لا يختلف الخطاب الرسمي المتعلق بجائحة كورونا اليوم عما كان عليه ايام كانت الحالات محدودة والناس قلقون من ان تصل الجائحة الى مدنهم وقراهم واحيائهم. في تلك الايام كان الناس يستمعون الى خطاب تحذيري مشحون بالطمأنينة والثقة وداعيا الجميع للثقة بقدرتنا على محاصرة الوباء والحيلولة دون ان يتحول الى الانتشار المجتمعي. مرت الايام وتغيرت الاحوال وغاب بعض الذين حملوا عبء الاعلام والتصدي وبعث الطمأنينة وما يزال الخطاب ثابتا دون اي تغيير يذكر.
وزير الصحة الذي كان ناطقا باسم لجنة الأوبئة ما يزال محافظا على نفس الخطاب ونفس الهدوء ونفس التطمينات التي اطل علينا فيها يوم كانت حالات الوباء نادرة ولا تتجاوز العشرات. لا أعرف مصدر الثقة ورباطة الجأش التي يتحلى بها المسؤولون عن شؤوننا الصحية والوضع يتدحرج من المستوى الذي كنا فيه بين افضل دول العالم في الوقاية والاستجابة الى رابع دولة عربية في مستوى الانتشار ومن بين الاعلى بين دول العالم في نسبة الانتشار.
الطريقة التي يطل بها علينا الوزراء والمديرون لا تتطابق مع الاوضاع ولا تنسجم مع المزاج الشعبي ولا حقائق الموقف، حتى اليوم لا احد يلمس الفرق بين خطاب الحكومة ووزرائها وهم يسجلون نجاحات في ابعادنا عن طريق الوباء او وهم يخبروننا عن تفاقم الوضع وتضاعف الحالات وتنامي الوفيات.
لا يختلف ما يقوله الوزراء وهم في قمة النشوة عن الطريقة ولا الاسلوب الذي يخاطبوننا فيه والبلاد تمر في اكثر الاوضاع الصحية سوءا وتدهورا. حتى اليوم لم ألمس تغيرا فيما تقوله الحكومة واركانها بالرغم من تصاعد منحنى الوباء ووصوله الى مستويات لم تكن في حسابات اكثر المتنبئين تشاؤما. في الوقت الذي نجحت معظم دول العالم في تسطيح منحنيات الوباء فيها ما يزال منحنى الوباء في الاردن يأخذ اتجاها تصاعديا لا شبيه له، ومع ذلك لا وجود لاستراتيجية للتسطيح او الخفض فالأرقام قفزت في ذات اليوم الذي تشكلت فيه الحكومة لخانة الآلاف ولم نعد نتحدث عن المئات التي كانت تخيفنا ايام الحكومة السابقة.
نفس الاشخاص الذين حذرونا من امكانية ان تصل ارقام الاصابات الى بضعة آلاف يرقبون معنا قفزها الى ما فوق الـ 160 الفاً دون ان يهتز لهم جفن او يقولون لنا ما الذي كان بوسعنا ان نقوم به ولم نفعل. من غير المعقول ان نكتشف اننا على اعتاب مرحلة قد لا تكفي فيها الأسرة والتجهيزات ولا تساعد فيها الخبرات المتوفرة على القيام بما يحتاج له الاشخاص الذين عانوا ويعانون من مضاعفات قد تفضي الى الموت.
في جميع الاوساط وبين الناس الذين يودعون المزيد من الاحبة في كل يوم هناك اسئلة جادة وحقيقية حول ما في جعبة الحكومة والمؤسسات غير التذكير بارتداء الكمامة وفرض مخالفات على من لا يرتدونها. في ذهن الناس وأنا منهم اسئلة حول ما يجري في الأروقة الحكومية ومراكز صناعة القرار وفيما اذا كان من امل في نهاية النفق الذي دخلته البلاد.
التطبيع مع الموت وقبول الاصابات وجرأة الجميع على الاعلان عنها حال حدوثها ومشاركة الاخرين اصبح المظهر السائد في الطريقة التي يتعامل فيه الاردنيون مع كورونا.
(الغد)