عندما تنهار الثقة بالحكومات
فهد الخيطان
04-04-2010 04:19 AM
*** في الدول الديمقراطية تخسر الاحزاب من رصيدها ..اما في عالمنا فالدول هي التي تدفع الثمن
باستثناء الاردن لا توجد في العالم العربي استطلاعات رأي مستقلة وعلمية تقيس مدى الرضا الشعبي عن الحكومات, لكن الشيء المؤكد هو ان الشعوب العربية غير راضية عن حكوماتها وتعبر عن ذلك بوسائل شتى.
انهيار الثقة بالنخب السياسية لا يقتصر على البلدان ذات الانظمة الشمولية او نصف الديمقراطية بل يمتد ليشمل الدول الديمقراطية العريقة. في تلك الدول يصل الحزب الى السلطة محمولا على اكتاف المصوتين لكنه لا يستطيع ان يحتفظ بتأييد الاغلبية الا لفترة قصيرة, فما ان يشرع في ممارسة السلطة حتى يبدأ المتضررون من سياساته باتهامه بنقض الوعود وعدم الوفاء بما التزم به.
عوامل كثيرة تحدد موقف الرأي العام من الحكومات في الدول الديمقراطية. في فرنسا مثلا كان سلوك الرئيس ساركوزي وفضائحه السبب الرئيسي وراء انهيار شعبيته الى ما دون ال¯ 30 بالمئة وفق استطلاع صحيفة »لفيغارو«. اما في الولايات المتحدة ورغم السلوك المنضبط والايجابي للرئيس اوباما الا انه خسر كثيرا في آخر استطلاعات الرأي بعدما تبين للامريكيين ان ظاهرة اوباما لم تكن في بعض جوانبها سوى فقاعة.
»باروميتر« الرأي العام لا يستقر على هبوط او ارتفاع فهو يتبدل ويتغير تبعا للسياسات التي تنتهجها الحكومات والرؤساء. فقبل اشهر عانى حزب العمال الحاكم في بريطانيا من تراجع شعبيته لصالح حزب المحافظين لكنه استطاع مؤخرا وقف التدهور واسترد شيئا من حضوره بعد جملة سياسات واجراءات اتخذها رئيس الوزراء جولدن بروان.
الرأي العام الاردني لا يشذ عن مثيله في العالم, مع ان لديه تقاليد خاصة تتصل بالموروث والبيئة الاجتماعية, فهو يسلف الحكومات عند تشكيلها ثقة مرتفعة تعبيرا عن حسن نواياه وبعد ذلك ترتفع الثقة او تنخفض تبعا للاداء. ولا يمانع الاردنيون بمراجعة موقفهم السلبي من حكومة اذا طورّت في ادائها وعدلت في سياساتها واستجابت للاولويات الوطنية.
الفارق الجوهري بيننا وبين حكومات الغرب, هو ان الاخيرة عندما تفقد شعبيتها فان الخسارة تكون من رصيد الحزب الحاكم ورئيسه والرأي العام يتكفل في اول دورة انتخابية بمعاقبة ذلك الحزب, بينما الخسارة في حالتنا تكون من رصيد الدولة ومؤسساتها.
في الدول الديمقراطية يكفل مبدأ تداول السلطة تجنيب الدولة الخسارة ويحصرها في النخب السياسية المتنافسة, ولهذا السبب لا تواجه تلك الدول ما نسميها في بلادنا فجوة الثقة المتزايدة بين الدولة والمجتمع لانها ابقت على المسافة قائمة بين الدولة والسلطة »الحكومة«, بينما في دول العالم الثالث غير الديمقراطية تماهت السلطة مع الدولة الى درجة لم يعد يفرق الناس معها بين الدولة والحكومة.0 (العرب اليوم)
fahed.khitan@alarabalyawm.net