كنت قد كتبت سابقا بأنه ومن حسن الطالع أن جدلية الواقع الحالي للوطن لا تتحمل مزيدا من المفردات البالية، ولا تتحمل مزيدا من الجهل في الإجراءات المتبعة للسيطرة على فلتان كثرة حالات الوباء المرصودة، فأدى ذلك إلى سوء التكيف مع الواقع والتصرف عكس إتجاه المصلحة، حتى تصدرنا مؤخرا - وللأسف- العديد من الدول في سجل عدد الوفيات وعدد الإصابات من هذا الوباء، ووصلنا الى (ساعة المواجهة).
في الوقت الحالي ليس بمقدور الجميع إلا حفظ (الصحة)؛ لأنها هي وبالمفهوم الشمولي (النعمة) بحد ذاتها، ولا متسع لدينا من الوقت لمواجهة هذا التحدي، والذي لا يبشر محليا أو عالميا بالخير سواءً على المديين القصير أو المتوسط، وما يزعزع الثقة في حالتنا الأردنية هو النتائج الحالية المحبطة وردود أفعال الناس اجتماعيا من جهة واقتصاديا وماليا من جهة أخرى، أما ما يرفع المعنويات فهو الإصرار من قبل (رأس الدولة) ومن خلال الحكومة لمجابهة هذا الوباء وإحداث نقلة للتكامل الإقليمي وزيادة في المخزون والإكتفاء الغذائي، وتسليط الضوء على محركات الإقتصاد، وخلق ما أمكن من فرص عمل لتحريك عجلة السوق؛ ولمجابهة تحديات المرحلة من قبل (إدارة الأزمة) بمن فيهم من الوزراء المعنيين، وللأسف لم تكن هذه الإدارة إلا إمتدادا لتقصير حكومي للحكومة السابقة، فنحن الآن أمام إمتداد (حكومتين) بدأتا (متماسكتين ومنسجمتين) في البداية؛ إلى حكومة حالية (مرتبكة) تراقب المشهد بخوف متسارع في الأداء، أصبح وزير الصحة فيها (فقط) ليس إلا ناطقا إعلاميا لعدد الوفيات والإصابات بهذا الوباء من جهة، كما لم نسمع من الفريق الإقتصادي أي توجه (جذري) للحد من الآثار الإقتصادية جراء الوباء من جهة أخرى.
إذن ما هو المرجو من الحكومة من ضوابط عمل لمجابهة إنتشار الوباء بالدرجة الأولى؟ أعتقد وبكل تأكيد ضرورة مايلي:-
1 - تفعيل وتغليظ العقوبات على غير الملتزمين بالضوابط الصحية المطلوبة ومنها (الكمامات).
2 - تكثيف برامج الرصد والمراقبة للمواطنين مع عدم إغلاق الإقتصاد، فلا يعقل أن يقوم ( رأس الدولة ) بإعادة التنويه على أهمية الإلتزام بموضوع الكمامات، ولديه ما يكفي من متابعات يومية متعددة تتعلق بالشأن العام للوطن، فنحن دولة نامية في كافة مرافقها، ونحبذ في مرات عدة الزهو (الكاذب) على الواقع الملم، ولدينا تحديات جمة في المال والإقتصاد، وكان الله في عون كل صاحب قرار في هذه الحكومة وما سبقها من حكومات، من حيث عملهم المتواصل ضمن أقصى قدراتهم ومهاراتهم وخبراتهم وكفاياتهم الوظيفية وإن كانت (متواضعة) لتقليص الآثار السلبية المترتبة؛ سواءً لما يتعلق بعدد الإصابات أوالوفيات أو من خلال الإفراط في زيادة المديونية، والتي كان وما زال أحد أهم أسبابها السابقة والحالية التوسع في الإنفاق العام من جهة، وقلة الإيرادات لأسباب متعددة من جهة أخرى.
3 - وضع خطة مرحلية لإدارة الدين العام ورفع النمو، لأننا وبكل بساطة وصلنا إلى مرحلة الحسم.
أما ما يبعث دوما على التفاؤل فهو أن لدينا الإرادة للمواجهة، نستلهم العزم فيها من قيادة فذة، لكن يلزمها دعم وإسناد لإستدامة محركات التغيير المنشود للمجابهة من جهة، ولزيادة تنافسية الإقتصاد الوطني من جهة أخرى، فلا حلول تأتي إلا من رحم (المعاناة) والتي من الممكن أن تكون من خلال مايلي:-
1 - إستغلال ما توفر من رصيد مالي جراء عدم إستخدام المخصصات المرصودة للمشاريع الرأسمالية.
2 - تنفيذ إجراءات (التسوية المالية للمكلفين) لضمان الحصول على سيولة مالية للحكومة.
3 - عمل (ثورة لتشجيع الإستثمار) والتغاضي عن بيروقراطية الإجراءات والمتطلبات الحكومية للمشاريع، منعا لتعطيل المشاريع الإستثمارية.
4 - إعادة التركيز على المشاريع (الصغيرة والمتوسطة) كأولوية، في ظل التراجع الكبير للإستثمارات في المملكة.
5 - منح (الحوافز الضريبية والجمركية) للقطاعات ذات القيمة المضافة، وتخفيض (ضريبة المبيعات) لزيادة القوة الشرائية.
6 - شراء سندات بنكية حكومية.
7 - وآخر العلاج هو (الكي) من خلال الإستدانة الخارجية.
مع ضرورة تنفيذ ما يلي:
1 - وضع خطة مرحلية للإستجابة الفورية وعلى وجه السرعة.
2 - تحديد القطاعات وحماية الفئات الأكثر تأثر في المرحلة الحالية، حيث كنت قد نوهت سابقا لضرورة إستحداث وحدة (لدعم القرار الحكومي) في رئاسة الوزراء، وليكن جل هدفها (الرئيس) زيادة تنافسية الإقتصاد الوطني بالدرجة الأولى في هذه المرحلة المصيرية.
"حمى الله الوطن والقائد وحماكم جميعا"