الدور الأردني في القدس .. القابض على الجمـر
04-04-2010 03:44 AM
شكلت القدس ، عامل التحدي الكبير للأمة ، منذ فجر الإسلام، وبعد انفجار القضية الفلسطينية بوجه العرب ، كانت القدس وما زالت بؤرة هذه القضية ، التي تتكسر عليها ، كل محاولات الحلول المجترحة ، على كافة المستويات الدولية وعبر العقود الطويلة ، إذ يضع اليهود المدينة المقدسة ، هدفاً كبيراً لاستيطانيهم واطماعهم التلمودية ، ضاربين بعرض الحائط ، قدسية هذه المدينة ، عند المسلمين والمسيحيين ، بل ينكرون هذه القدسية تماماً ، ولم يتصدَّ لهذه الهجمة اليهودية على القدس ، كما تصدى لها الهاشميون ، عبر القرون: فلم تعرف المدينة المقدسة ، حماية حقيقية لها ، منذ العهدة العمرية ، مروراً بتحريرها ، على يدي جيوش نورالدين زنكي ، بقيادة صلاح الدين الأيوبي ، إلا الولاية الهاشمية: فالشريف الحسين بن علي ، كما سجل التاريخ ، ضحَّى بمُلكه ، من أجل حماية القدس ، من الاحلام اليهودية المشبوهة والمشوهة ، مروراً باستشهاد الملك عبدالله الأول ، على أبواب الأقصى ، إلى ان آلت الراية ، إلى عبدالله الثاني بعد الحسين الأول ، وتستمر الولاية الهاشمية ، جيلاً بعد جيل ، حفاظاً على الأمانة الغالية: فالدور الأردني في حماية القدس ، لا يستطيع أن ينكره أحد أو يتجاوزه ، ولم يكن هذا الدور تنظيراً في فراغ ، بل كان وما زال على الأرض ، دعماً للصامدين هناك ، وحفاظاً على المقدسات ، كلف الأردن المليارات رغم ضيق اليد وعسرالحال ، وفوق كل هذا ، كان الدم عنواناً كبيراً لهذه المسيرة: فالدم الأردني الهاشمي ، ما زال يشخل على تراب القدس ، وسيظل حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
ولا يكاد العالم يسمع صوتاً ، يدافع عن القدس ويكشف حقيقة الأطماع الصهيونية فيها ، إلا صوت الأردن ، على مختلف المنابر والمحافل الدولية. ولولا هذا الصوت والنفَس الأردني ، لكاد العالم ينسى خصوصية القدس.
إن أي محاولة التفاف ، على الدور الأردني في القدس ، تعتبر طعنة في ظهر المدينة المقدسة ، في الوقت الذي تمر فيه ، بأدق سنوات تاريخها ، وهي تواجه الغول اليهودي المتمرد على كل القيم والأخلاق والأعراف الدولية.
إن محاولة البعض ، في القمة العربية الأخيرة ، إيجاد ما يسمى "مفوضا عاما" للقدس في الجامعة العربية ، سواء كان بحسن نية ، أو غير ذلك ، ما هو إلا وضع العصا في الدولاب ، وارباك للدور الأردني على الأرض في القدس ، والحفاظ على حق العرب والمسلمين فيها ، ان أي حديث اليوم ، عن الدور الأردني في القدس ، من أي جهة كانت ، هو حديث مشبوه ، لأن الظرف الذي تمر به المدينة المقدسة ، بحاجة أكثر من أي وقت مضى ، لتقويةهذا الدور هناك على الأرض ، لأن الأردن أثبت في مهمته المقدسة هذه ، أنه يمارس دوره التاريخي ، مترفعاً عن كل الأطماع والحساسيات السياسية ، التي آلت بقضية فلسطين ، إلى ما نراه الآن ، من ضياع وتمزق ، بين أنياب الغول اليهودي والتآمر العالمي.
إن الردة الفكرية والسياسية والاجتماعية ، التي يعاني منها العرب اليوم ، بسبب عجزهم عن ادراك الأطر العريضة ، لطبيعة استهدافهم من أعدائهم ، وانكفائهم على المذهبية والطائفية والقضايا الخلافية ، التي تفرق وتضعف ، بل وتدمر كل عوامل الوحدة بينهم ، وبالتالي تهدم قوتهم ، أدت إلى قعودهم هذا المقعد الضعيف والمتخلف ، إلى الدرجة التي ضعفت بها بنيتهم الداخلية ، وسهل على أعدائهم أن يلجوا حدودهم ، وما استقواء اليهود اليوم عليهم ، إلا دليل على صدق هذا القول ، لذلك كله ، كان لا بد للأردن الهاشمي ، بشرعيته التاريخية ، وبقربه من الرسالة ، أن يبرز الصفوف ، متصدياً لليهود في هجومهم على القدس ، مترفعاً على كل عوامل الفرقة والأطماع ، في سبيل تأدية رسالته التاريخية ، التي نذر نفسه لأجلها.
مطلوب من العرب والمسلمين اليوم ، أكثر من أي وقت مضى ، دعم الموقف والدور الأردني ، على الأرض في القدس ، ليقوم الاردن بمهمته المقدسة ، حماية لحق الامة فيها ، وهو القابض على الجمر ، في مواجهة عقلية يهودية ، لا تعترف ، إلا بأحلام مريضة ، متحكمة بعقول متحجرة عفنة.الدستور