يقاس التضخم بالتغير في أسعار سلة من السلع والخدمات التي تستهلكها الأسرة الأردنية المتوسطة ، وهو يختلف عن الاصطلاح الشعبي (الغلاء) الذي يطلق على ارتفاع سعر سلعة معينة أو مجموعة من السلع مع تجاهل السلع والخدمات الأخرى التي لم ترتفع أسعارها وربما انخفضت ، كما تفعل جمعية حماية المستهلك التي تخرج بنتائج كاريكاتورية.
لا يكف الجمهور عن الشكوى من الغلاء ، ويعبـّر عن شكواه كتـّاب ومعلقون ، حتى عندما كان التضخم سالباً ، وقد وجدت الشكوى من الغلاء في قبور المصريين القدماء ، فلا جديد في ذلك.
نتحدث هنا عن التضخم بمعناه العلمي ، والذي كانت تقديراته لسنة 2010 تتراوح حول 4% ، لكن هذه النسبة تم تجاوزها في الشهرين الأولين من السنة ، حيث كان مستوى أسعار المستهلك أعلى مما كان في نفس الفترة من السنة الماضية بنسبة 4ر4%. معنى ذلك أن التضخم المنتظر هذه السنة سيكون أعلى بكثير مما توقع المحللون والمسؤولون ، وقد يصل إلى 7% أو أكثر ، وبالتالي سوف يعتبر إنجازاً إذا أمكن ضبط التضخم هذه السنة بحيث لا يتجاوز 6%. إلى جانب البعد الاجتماعي لارتفاع الأسعار الذي يعني اشتداد الضغط على مستوى معيشة محدودي الدخل ، فإن هناك أبعاداً أخرى قد تفرض على السلطة النقدية سياسات مختلفة عما هو مطبق الآن ، مما أستند على الواقع الاقتصادي كما كان في عام 2009. معدل التضخم المنتظر في أميركا لسنة 2010 هو 2ر2% فقط ، وبما أن الدينار مرتبط بالدولار ، فإن معدلات التضخم بين العملتين يجب أن تظل متقاربة لتجنب الاختلال في سعر الصرف. في الوقت الذي بدأ التضخم في الأردن يبرز بقوة ، استمر البنك المركزي في تخفيض سعر الفائدة ، فانخفضت فعلاً على الودائع ولم تنخفض على التسهيلات ، وبذلك أصبح سعر الفائدة الحقيقي على الودائع سالباً ، أي أقل من معدل التضخم ، وهو وضع غير مقبول ولا يجوز السماح له بالاستمرار. مما زاد الوضع تفاقماً تخفيض نسـبة الاحتياطي الإلزامي للبنـوك دون لزوم وإطفاء شـهادات الإيداع دفعة واحـدة ، مما وضع في أيدي البنوك سيولة زائدة لا تريد أن تتحمل مخاطر إقراضها فانخفض طلبها على الودائع ومعه سعر الفائدة.الرأي