(مهداة إلى مرضى السكري بمناسبة اليوم العالمي لمرضى السكري)
«فوق العمى صمّيله»، أما العمى فمعروف، أما الصميلة فلا داعي لمعرفتها، على كل حال، هذا مثل شعبي أردني يعني بأن المصائب تتزايد وتتراكم فوق بعضها، وهذا ما حصل مع صاحبنا، فبالإضافة الى فقره شبه المدقع، فقد ابتلي بالمرض ...بالسكري تحديدا، ولم يعد يستطيع الإكثار، حتى من الخبز والشاي.
السكري، ومن لا يعرفه في المجتمع الأردني!! ...انه متفش بشكل واسع جدا، كذمة مرابي حديث النعمة، وهو مصاب بهذا الداء الوخيم، ولا يستطيع سوى تلقي العلاجات في حدها الأدنى، عن طريق العيادات الحكومية وحبوب الجلوكوفيج التي يتعاطاها المواطن، كما يتعاطى حثاريم المريس.
جاء من القرية الى التاجر الذي يتعامل معه في مادبا، وكان ينوي استدانة بعض الأغراض، وهو يعرف أنه لم يسدد ديونه منذ أشهر، لذلك سيكون الأمر صعبا بالضرورة.
بعد السلام، والجلوس على كومة من أكياس القمح الفارغة (أم خط أحمر)، حاول أن يطلب من التاجر أن يصبر عليه ويعطيه بالدين أيضا، حاول، لكن أطرافه ابتدأت بالرجفان، مع دوخة خفيفة تتزايد باستمرار، العرق ينتشر وينزّ من كافة مسامات جسده، حاول النهوض فلم يستطع، حاول الحفاظ على توازنه لكنه سقط على الأرض.
التاجر مصاب بالسكري أيضا، ويعرف أن هذه هي أعراض هبوط السكر، ويعرف أن الحل هو أن يأكل المريض حلويات سريعة الامتصاص. لذلك فتح التاجر نصية الحلاوة السادة، وأخذ منها معلقة كبيرة وتوجه الى صاحبنا المرمي على أرضية الدكان ليضعها في فمه، حتى ينجو من نوبة هبوط السكر.
صاحبنا رغم حاجته التي يعرفها تماما، أغلق فمه ورفض أن يضع الملعقة في فمه، لكنه كان يشير بعصبية في يده المرتجفة، ويقول بصوت مرتجف:
- حشية. شية شيه ..شششششيه
لم يفهم الناس ما يقوله الرجل، واعتقد بعضهم أن نوبة السكري قد نالت من دماغه، لكن التاجر انتبه الى إشارة يد الرجل. وتتبعها. كان المريض يشير الى علبة الحلاوة الأخرى، التي بجانب علبة الحلاوة السادة.. علبة الحلاوة المحشية بالفستق الحلبي والمضمخة بزيت السيرج وماء الورد، فهذه فرصته الوحيدة لتذوق الحلاوة المحشية.
قبل أن يفكر التاجر بتبديل نوع الحلاوة، فقد الرجل الوعي. نقلوه الى المستشفى......ومات.
الدستور