في نهاية يوم حافل بالقرارات الحكومية الشجاعة التي تهدف للتعامل مع تطورات جائحة كورونا، أعلن عن مؤتمر صحفي مساء ذات اليوم “الاثنين” لوزير الصحة ومسؤول ملف كورونا في وزارة الصحة.
تأخر المؤتمر عن موعده المقرر والمعلن نحو نصف ساعة، وهو ما رفع من سقف التوقعات حول نية الفريق الصحي إعلان قرارات أكثر أهمية ربما من أمر الدفاع الخاص بوضع اليد على مستشفيات القطاع الخاص إذا ما دعت الحاجة.
لكن الأمور لم تكن على هذا النحو، فقد خرج الوزير المحترم نذير عبيدات بحديث “رايق” فحواه أن عدد الإصابات في ذلك اليوم والبالغة قرابة ستة آلاف إصابة و71 حالة وفاة هي “مؤشر إيجابي” إلى استقرار الوضع الوبائي وعدم الزيادة بأعداد أكبر من سابقتها.
السؤال الذي تبادر للأذهان على الفور، إذا كان الوضع مطمئنا إلى هذا الحد فلماذا أقدمنا على إصدار أمر دفاع خاص بالمستشفيات وعطلنا من قبل عمل السلطة القضائية وأغلقنا قطاعات جديدة كالأكاديميات الرياضية وأماكن الترفيه واللياقة البدنية، ومنعنا الأراجيل في المقاهي.
الوزير المحترم لم يقدم بيانا مكتوبا لوسائل الإعلام بل ارتجل كلاما طيبا وصادقا من القلب، لكن في مثل هذه الظروف الحساسة طيبة القلب لا تكفي لكسب الدعم المجتمعي.
كان الإرهاق باديا على وجه الطبيب المهذب وائل هياجنة واعتذر بلباقة من الصحفيين لعدم قدرته على الرد على استفساراتهم الهاتفية لانهماكه الطويل في العمل، وأنا أصدقه بحق، فالمسؤوليات التي تقع على عاتقه وفريق العمل كبيرة ومضنية.
ولو أن الطبيب الهياجنة ومن قبل الوزير عبيدات اعتذرا عن عقد المؤتمر الصحفي من أساسه وواصلا العمل في غرفة العمليات لكان أجدى لهما ولنا.لأننا وبصراحة لم نسمع معلومة جديدة في اللقاء.
كان هناك حرص على تطمين الأردنيين بشأن قدرات المستشفيات على استقبال مرضى كورونا، ورفع سعتها السريرية، إضافة إلى تدشين غرفة تحكم لضمان توفير أسرة لمرضى يراجعون بعض المستشفيات ولا يجدون مكانا فيها.عدا ذلك خصص الطبيب الهياجنة جل مداخلته للرد على تصريحات أطلقها أعضاء في لجنة الأوبئة ومركز تقييم الوضع الوبائي.
في وقت تزدحم فيه منصات الإعلام والتواصل الاجتماعي بسيل من المعلومات الجارفة والمتناقضة أحيانا والكاذبة كذلك، يتعين على المسؤولين في القطاع الصحي أن يحرصوا على إعداد رسائلهم للرأي العام بكل دقة ووضوح، ولا يجعلوا من إطلالاتهم الإعلامية مجرد تصريحات إنشائية لا تضيف جديدا للرأي العام.
صحيح أننا نريد طمأنة المواطنين على قدرتنا بتقديم الخدمات الصحية وعدم الحاجة للقلق من نقص الأسرة في ضوء الخطط الناجعة التي تبنتها الحكومة، لكن لا ينبغي أبدا أن نمنح للناس أملا زائفا باستقرار الوضع الوبائي وبأن الحالات يمكن أن تتراجع في المرحلة المقبلة.
هذا لا يساعد الحكومة أبدا على إنفاذ أوامر الدفاع الخاصة بارتداء الكمامة والتباعد الجسدي، ناهيك عن تناقضه مع تقديرات رسمية تحذر من ازدياد الإصابات بعد فوضى الانتخابات ودخول فصل الشتاء، تماما كما هو الحال مع الوهم السائد حول قرب وصول لقاح كورونا، في وقت يؤكد فيه أكثر من مسؤول بأن اللقاح في حال توفر فعلا بداية العام فلن يشمل أكثر من 20% من السكان مع نهاية العام المقبل، في أحسن تقدير.
الغد