لا علاقة لكورونا بالموضوع!!

هذا شعار رفعه الفيلسوف اليوناني ابيقور، يقول علينا أن لا نفكر بالموت لأن الإنسان لا يموت، وذلك لسبب بسيط:

ما دام الموت موجوداً فأنا غير موجود.

وإذا كنتُ أنا موجوداً فالموت غير موجود.

إذن لا يلتقي الإنسان بالموت. هذا الشعار يدعو للثقة والتفاؤل والطمأنينة وعدم الخوف وإن كان أبيقور ربطه باللذة والمتعة وبهجة الحياة، لكن هناك جانب آخر للمشكلة، فقد يكون كلامه صحيحاً بالنسبة لمن يموت، لكن الموت يترك أثراً يتفاوت في تأثيره على من يخسر بموت عزيز أو محبوب! ما دفع إلى هذه الكتابة هو خواطر المربية السعودية عواطف مراد في رثاء زوجها الأستاذ الجامعي عبدالله ناصر الخليوي خواطر إنسانية استطاعت أن تقنع القارئ بأنها تتحدث عنه حين يمر في نفس الظروف فلم تقل كالخنساء:

طويل النجاد سليل العماد....إلخ

بل شرحت ما يتركه الفقيد من آلام متفجرة، ما تكاد تهدأ حتى يثيرها من جديد "أطفال القريقعان" أو مكان متنزه مشترك أو كلمات تبادلها الفقيد مع الفاقد. خواطر أسمتها: زادي وزوادي لتكون فاعلاً مستمراً يمدها بالطاقة، بدلاً من أن يكون الموت حدثاً فردياً منتهياً صار زادًا وزوادةً في مرحلة جفاف من العمر، امتلأ الكتاب بعشرات اللوحات أو ا"لألواح" الفتية، كتب على إحداها: عند المغيب تهيمن لغة الصمت الأكثر قسوة، واقتبس من خاطرة أو لوحة أخرى: سلوني ما الحب العبارات الآتية:

- الحب ما تعيشه لا ما تدعيه، الحب تنازلات طوعية بجنون.

- الحب تلاقي أرواح ولو بالصدفة.

- الحب قدر، وقصة غريبة لا تتكرر.

- الحب جدار ومرساة تغلق الفجوات والثغور.

- الحب ليس إعلاناً بل ما قد تكتشفه عبر السطور.

وأذكر هنا قولاً لصوفي:

- شريت كأساً من المحبة لم أظمأ بعده قط.

فأجابه صوفي آخر:

- عجبت لضعف حالك! ها هنا من يحتسي بحار الكون وهو فاغرٌ فاهُ يتزيّد!!

هذا ما أظهرته عواطف مراد. إنها لا ترتوي من حب الفقيد الدكتور عبدالله الخليوي.

إنه الموت لا موت كورونا بل الموت الأزلي والأبدي. وكأن شعارها الجديد ما قاله شاعر:

حين يلتقي الموت مع العشق يصبح الحب ألق

أو كما قال جلال الدين الرومي:

الموت ليس له علاقة بالرحيل، فالعشق هو من يأخذك من نفسك إلى نفسك. وحين تفعل ما تمليه عليك روحك تشعر بهذا النهر المتدفق
من الحب هذا ما فعلته عواطف.