نيسان شهر الفرح .. فلا نبدأه بالكذب
طلال الخطاطبة
03-04-2010 05:12 AM
يمثل شهر نسيان نهاية فصل الشتاء الذي جادت به السماء بماء الحياة للأرض فروت عطشها وخزنت في جوفها ما يكفي مخلوقات الله الحّية من ماء الى شهر الشتاء اللاحق. وتطلب هذا تضحية من هذه المخلوقات, فجلس كل في بيته ومن خرج منهم احتمى بمظلة لتقيه بلل الأمطار, أو التف بفروة صوف تقيه البرد. وربما كان بالأمر بعض التضحيات بسيل هنا أو فيضان هناك. لكن مع كل هذا لم نسمع من أحد تذمرا أو شكوى من هذا, اذ كان يصاحب كل ما يجري بتسبيحة للخالق أو شكر للواهب على هذه النعمة.
وما أن يطل علينا نيسان حتى تنتشر كل المخلوقات من مساكنها محتفلة بقدوم الربيع الذي يأتينا مختالا من الحسن:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا من الحسن حتى كاد أن يتكلما
فتتفتح الأزهار وتخضرالأرض وترقص الطيور فرحا ليعلن الكون كله بداية الحياة من جديد. فدرجت كل الثقافات والأمم على الإحتفال بهذا الضيف الضاحك من الحسن كلُ على طريقته. ولقد برز من هذه الأمم من اعتبره عيدا عندهم كالفراعنه الذين أسموه شم النسيم (بالمصري الحديث) او عند الفرس القدماء أو المحدثين فاسموه عيد النيروز. وربما كان عند العرب ايضا بعض الإحتفالات بنيسان رغم أنهم في الصحراء القاحلة, ولكن هذه الأعياد اختفت بمجيىء الإسلام عندما الغاها رسولنا الكريم عندما قال "أن الله أبدلنا اياها بعيديين هما عيد الفطر وعيد الأضحى" .
أذأ شهر نيسان هو شهر الفرح والإنبساط والفرفشة, فما الذي جرى حتى صرنا نبدأه بالكذب؟ لا بل أن بعضنا يخطط لنوعية الكذبة التي سيكذبها في نيسان قبل نيسان. لا أريد أن أناقش هذا من باب الحلال والحرام, فالكذب كذبُ مهما تغيرت ألوانه وتعددت اسبابه الا اذا ضمن الشروط التي سمح بها الكذب لأن فيها عمار بيوت وليس خرابها وهي "الكذب على العدو, فليس من المعقول أن تخبر العدو بكل شيىء من باب أنك لا تكذب. كذلك هناك الكذب من أجل الصلح بين أثنين, فأثناء جولاتك المكوكية بين الإصلاح بين الطرفين تضطر الى الكذب على هذا اتلطرف أو ذاك من أجل أرضاء الطرفين لتصلح بينهما, ولو نقلت لكل طرف ما يقوله الطرف الآخر لما تم الصلح. وهناك كذب الشخص على زوجه أو الزوجة على زوجها فيما يتعلق بكل بشخصية كل منهم, فلو سألتك زوجك هل هناك في الدنيا من هو أجمل منها؟ بماذا تجيب؟ لو أجبت بالحق أو حتى بالموضوعية فستكون النتيجة وخيمة. فاذا كان في قول الحقيقة خراب البيت, فلا باس من هذه الكذبة المعمرة للبيت.
ما نسمع به هذه الأيام من كذب أمر مرفوض ديناً وخلقا. إن استعراض بعض الأمثلة حول كذبة نيسان يجعلنا نفكر الف مرة قبل أن نكذب هذه الكذبة الملعونة. فكم من أم قضت نحبها عندما اتصل بها واحد "خفيف دم" ليقول ابنك يا حجة مات. وكم من شخص نقل الى العناية المركزة عندما قيل له ان الأسهم طاحت بالأرض. تحضرني نكتة بهذا المجال أن أحدهم اتصل على زوجته هو : وقال لها " فلانه قالت نعم يا ابو فلان , فقال لها جوزك مات, فشقت الثوب" .
وأسواء أنواع الكذب هو ما يصدر أحيانا من بعض وسائل الإعلام لتترزق من خلال هذا الكذب. إن صدور بعض هذا الكذب في الصحف لاستغلال القارىء العزيز طمعا في قروشه انما هو الحرام بعينة. وكما جاء بالأمثال أن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها. وهذا المثل ينطبق على بعض وسائل الإعلام التي تلجأ الى مثل هذا النوع التي تطالعنا بأخبار عارية هن الصحة تماما وعندما يصدر بيان يكذب هذا بطلع علينا منهم من يقول ان الخبر كان من باب كذبة نيسان: اي انه كذب مقصود. لا بارك الله في قرش جاء من حرام.
فتوبوا الى الله توبة نصوحاً, وليذر منكم من كان يفعل هذه الفعلة ( كذبة نيسان) فعلته. ومن الغريب أن من يفعلها يصنفها من باب المزاح. فأي مزاح هذا الذي يؤدي بنا الى التهلكة. هناك مجالات كثيرة نمزح بها فلماذا نصر هلى هذا النوع من المزاح المغموس بالكذب المؤذي للغير طبعاً, فلم نسمع عن أحدهم أنه كذب على نفسه و أتصل بالناس ليخبرهم انهم معزمون عنده هو على الغداء ليقول لهم هذه كذبة نيسان, أنما كذبه على غيره.
نحن في حاجة ماسة الى الصدق دينيا وخلقيا ولنتذكر ان لنا قضايا كثيرة وليست قضية واحدة نرفع أيدينا عقب كل صلاه ونقول اللهم انصرنا. فلنصدق الله لينجز لنا ما وعدنا على رسله.
Alkhatatbeh@hotmail.com