مجلس الامة وبشائر الخير .. !
السفير الدكتور موفق العجلوني
16-11-2020 10:14 AM
يرتكز مجلس الأمة الأردني على رافعتين رئيسيتين تم بناؤهما منذ عام ١٩٤٧ على قاعدة صخرية دستورية لا تزعزعها الزلازل و الأعاصير و لا الامزجة و الاهواء ، و يتطلع الأردنيون في خضم الأوضاع الصحية و الاقتصادية و الاجتماعية و الأمنية و التحديات الخارجية ان يقوم مجلس الامة الموقر ، و الذي يحتضن خيرة الخيرة في مجتمعنا الأردني حيث يتطلع مجتمعنا الأردني خلال هاتين الرافعتين بنشل الواقع الأردني ( و اكرر كلمة نشل ... و هي عكس كلمة غرق ) الى تحقيق طموحاتهم و تخفيف معاناتهم وهمومهم و معالجة قضايا الفقر و البطالة و عجز الموازنة و التراجع الاقتصادي ،و ان يعيش الأردني بكل كرامة من خلال تشريعات ناظمة توقف كافة الخروقات و التجاوزات و على رأسها الفساد ، التي اخذت المجتمع الأردني الى حالة من فقدان الثقة و التأرجح بين المرض و الفاقة و البطالة و زيادة عجز الموازنة و المديونية ، حيث اصبح الأردن في حالة من القلق و الخوف و النظرة المتشائمة للمستقبل و خاصة في ظل ضوء الوضع الصحي الذي تمر به المملكة الان من خلال ازدياد عدد الوفيات المقلق و المرعب و زيادة عدد الإصابات بفايروس كرونا ، بعد ان كنا مثلاً في العالم كله في نجاحنا في صد هذا الهجوم الغاشم من فايروس كورونا ، و بدأنا نخطط استراتيجيات للسياحة العلاجية و استقبال المرضى من الدول الشقيقة و الصديقة من خلال برتوكول خاص ، و بدأت صادراتنا تتصدر الأسواق ، و بدأت منتجاتنا الطبية تساهم في التخفيف من انتشار جائحة كورونا للدول الشقيقة و الصديقة . ولكن بكل اسف هذه البشائر ذهبت ادراج رياح انتشار فايروس كورونا في المملكة....!!! وبدأنا نشعر اننا لسنا في جاهزية طبية في التعامل مع غرف العناية الحثيثة في مراكزنا الطبية، وبدأنا يومياً نفقد العشرات من الغاليين على قلوبنا والغاليات، وبدأ الموطن الأردني يعيش كوابيس كورونا وتبعاتها: ماذا حصل ...؟؟؟!!!! لست مؤهلاً لا علمياً ولا وجاهياً، ولست في موقع صاحب القرار للإجابة على هذا السؤال.
في خضم جائحة كورونا، لم تغفل الدولة وبتوجيهات من جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين من انجاز الاستحقاقات الدستورية وتعين أعضاء مجلس الاعيان استناداً الى الدستور الأردني والذي ينص على ان مجلس الأعيان بما فيه الرئيس يتكون من عدد لا يتجاوز نصف عدد مجلس النواب ويتم تعيين الأعضاء من قبل جلالة الملك مباشرة ضمن شروط حددها الدستور، ويعين رئيس مجلس الأعيان من قبل جلالة الملك بإرادة ملكية سامية، ومدة رئاسة المجلس سنتان، ويجوز إعادة تعيين رئيس المجلس. ومدة العضوية في مجلس الأعيان أربع سنوات، ويجوز للملك إعادة تعيين من انتهت مدة عضويته منهم.
لقد تم تشكيل مجلس الأعيان قبل الانتخابات النيابية بالإرادة الملكية السامية لان وجود مجلس الأعيان قبيل إجراء انتخابات النيابية هو أمر مهم؛ كي لا يكون هناك فراغ دستوري، كما أن وجود مجلس الأعيان له رمزية بأن السلطة التشريعية قائمة. وتم بحمد الله اجراء الانتخابات البرلمانية وهو حق دستوري، رغم بعض التجاوزات هنا وهناك - وربما ضارة نافعة في هذا لمجال - كانت صحوة لمعالجة بعض القضايا ... التي حان الوقت لإغلاقها الى الابد بعد ان كانت معاناة اجتماعية مقلقة وحدث ما حدث من الام ومصائب لأبرياء.
كما اشرت في مقال سابق، ينتظر الأردنيون التآم مجلس الامة، وهم يستبشرون خيراً بهذا المجلس كما استبشروا خيراً بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة دولة الدكتور بشر الخصاونة، والذي عرفته شخصياً من زمالة حقة كدبلوماسي وسفير ووزير دولة للشؤن الخارجية ووزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء وسفيراً في باريس ومستشار لدى جلالة الملك. وبالتالي لا بد ان تكون أولى أعمال مجلس الامة تشكيل لجنة صحية مشتركة من المجلسين، يكون همها الأول والبند الأول على جدول أعمالها تحركها بالتعاون مع السلطة التنفيذية بمعالجة الجانب الصحي من جراء انتشار جائحة كورونا حتى يطمأن الأردنيون على صحتهم. فأهم عامل في تقدم الدول وامنها واستقرارها هو الجانب الصحي، فالصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا يراها الا المرضى.
واختم قولي بعد بسم الله الرحمن الرحيم: بقوله تعالى "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" الب قرة155-156.
لقد صبر الأردنيون طويلاً على الحكومات السابقة وأعضاء مجالس النواب والاعيان، املين بعد هذا الصبر الطويل، ان تأتي بشائر الخير والبركة والصحة والعافية لكل الأردنيين، وان تكون الحكومة الجديدة ومجلس الامة الجديد بشقية النواب اولاً والاعيان ثانياً عند تطلعات وطموح جلالة الملك عبد الله الثاني ابن لحسين حفظه الله والشعب الأردني الطيب الكريم، والله ولي التوفيق.