لماذا يتخلف العرب عن الركب العالمي في جميع الميادين السياسية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية؟ ولماذا تقدم الآخرون وحافظنا نحن على تخلفنا.
لا داعي للوقوف طويلاً أمام التفسيرات الشائعة في الداخل وفي الخارج، فالجميع يعتبرون مشاكل المنطقة نتيجة لأخطاء الآخرين. العرب يلومون الغرب الاستعماري وإسرائيل الاستيطانية، والغرب يتهم الأنظمة السلطوية والاستبداد وغياب الديمقراطية.
في كلتا الحالتين فإن الشعوب العربية تبدو بريئة، فهي مجرد ضحايا لأخطاء الآخرين، وبالتالي ليس مطلوباً منها شيء، فوضع الأمور في نصابها يتوقف على إرادة وسلوك الغير. ومن هنا نجد أن عبارة المجتمع الدولي، الشرعية الدولية، المستبد العادل أكثر شيوعاً في منطقتنا من أي مكان آخر.
المحرر السابق لشـؤون الشرق الأوسط في صحيفة الجارديان البريطانية أصدر كتاباً بعنوان (أين الخطأ في الشرق الأوسط)، يرفض فيه هذه المقولات الشائعة ويضع اللوم حيث يستحق، أي على كاهل الشعوب العربية نفسها ويقترح بعض الاسباب المثيرة للجدل.
هذا لا يعني في نظر المؤلف أن التدخل الاستعماري الغربي والأنظمة العربية الاستبدادية لا تتحمل نصيباً من مسؤولية إيصال الأمور إلى ما وصلت إليه، ولكن الأسباب الحقيقية تعود لعوامل داخلية.
ما كان الغرب ليستطيع أن يستعمر أو لإسرائيل أن تستوطن لولا الضعف العربي، وما كان للأنظمة أن تستبد لولا أنها نتاج المجتمع العربي، فكما تكونون يولى عليكم.
بعض النقاد اتهموا الكتاب بأنه يشكل اهانة للشعوب العربية، وهو ما ينكره المؤلف، مؤكداً أن كتابه يشكل دعوة للعرب كي ينتفضوا ويكسروا حلقة التخلف التي يدورون في فلكها، ويلتحقوا بالعالم المتقدم، فالتغيير المطلوب لن يصنعه الغرب رغم محاولات بوش، ولن تقوده الأنظمة المستبدة بل يجب أن يبدأ من القاعدة فالتغيير يبدأ في البيت، ولا تصلح هذه الأمة إلا بما صلح به غيرها.