مستشفياتنا بين الداخل والخارج والأسئلة المُحيّرة!
أ.د. أمل نصير
15-11-2020 03:47 PM
أصابت المواطن الأردني حالة من الفزع بعد تقرير قناة المملكة مساء أمس الذي لخّص فيه الوضع الطبي في إربد؛ مما أثار حالة غضب عارمة، لم يخفف منه نفي وزير الصحة أو غيره، فالناس لم تعد تصدق تصريحات الحكومة بعدما رأت الاستعراضات اليومية للحكومة السابقة، التي ما زالت ماثلة في ذاكرتهم من إحصاء أعداد المصابين، واستعراض بطولات وهمية في محاصرة الفيروس، حتى صدقنا أن جيناتنا تختلف عن جينات العالم كله، وأننا سنبقى بمنأى عن غزو هذا الفيروس اللعين.
كان العالم كله يتحدث عن موجة ثانية متوقعة، ويجهز نفسه لها، وكنا نتوقع أن الحكومة السابقة كانت تجهز نفسها أيضا، وسمعنا وعودا بتجهيز مستشفيات ميدانية في أنحاء المملكة.
اليوم وقد ذهبت، فلماذا هذا التباطؤ من الحكومة الحالية بعدما رأت أختها السابقة، وفشلها الذريع لا سيما أن بعض وزرائها كانوا متواجدين فيها أو في مكان صنع القرار او التوصية به؟! وكيف يمكن لمسؤولين يقومون بتجهيز مستشفى في أيام قليلة ويحمّلونه بطائراتهم إلى دولة مجاورة، ويصرحون لنا أن المستشفى الميداني المزمع إقامته في إربد سيكون جاهزا بعد شهرين؟ّ!
لقد وصل المستشفى الميداني الأردني إلى لبنان لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية جراء الانفجار الذي وقع في مرفئها، وقد صرح أحد المسؤولين أن المستشفى الميداني مجهز بكافة الطواقم الطبية اللازمة، ويتكون من 48 سريرا و 10 أسرة (ICU) وغرفتي عمليات، مؤكدا أن الطواقم الطبية الأردنية تراعي الوضع الصحي في لبنان مع ازدياد حالات الإصابة بفيروس كورونا من خلال تطبيق معايير السلامة العامة، ولديهم الخبرة الكافية في تعاملهم مع مثل هذه الظروف في الميدان، مشيراً إلى أن الأردن أصبح أنموذجاً في التعامل مع جائحة كورونا داعياً إياهم إلى بذل أقصى درجات التفاني والعطاء خلال مهمتهم.
وقد أرسل الأردن مستشفى ميدانيا مماثلا إلى لبنان قبل سنوات أيضا لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية، إضافة إلى إرساله العديد من المستشفيات الميدانية إلى عدد من الدول الشقيقة والصديقة أيماناً منه بدوره الإنساني في مساعدة الدول ودعمها خلال الأزمات والحوادث والكوارث الطبيعية.
هذا الخبر تناقلته وسائل الإعلام المختلفة قبل شهور قليلة فقط، والسؤال المحير لماذا لم تقم الحكومة بتجهيز مثل هذا المستشفى في مناطق مختلفة من المملكة طالما أنه يحتاج إلى أيام فقط؟ وما هو عدد المستشفيات والكوادر الطبية الموجودة في الخارج مقارنة مع ما هو موجود في الداخل إذ أن ما سمعناه على قناة المملكة يكشف عن تواضع الأرقام بدرجة محرجة، ولماذا هذا الكرم الحاتمي في مساعدة الآخر مع البخل الشديد في توفير الإمكانات الصحية للمواطن الأردني.
ولماذا لم تقم الحكومة السابقة والحالية بالتحضير للموجة الثانية؟ وإلى أين يأخذ المسؤولون الأردن والأردنيين؟ وماذا لو تضاعفت الأعداد كما هو متوقع؟ وماذا هم صانعون، هل -مثلا- يعيدون مستشفياتنا وكوادرنا الطبية من الخارج بسرعة لإنقاذ مرضى الداخل، لاسيما أنها جهزت بأموالهم وسواعد أبنائهم ، ويمكن للدول الغنية أن تحل مكاننا هناك؟ أم يفيدون من قانون الدفاع بوضع يدهم على مستشفيات القطاع الخاص لإنقاذ الوضع؟ أم يسارعون ببناء المستشفيات الميدانية ، ويطلبون إلى متقاعدي الخدمات الطبية والصحة العودة لمساعدة المرضى، ويقومون بتعيين العاطلين على العمل للمساعدة على إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ أم يستمرون في عقد اللقاءات التلفزيونية والتصريحات الإعلامية، وإصدار قوانيين الدفاع التي تتحدث عن غرامات لبس الكمامة، وحضور التجمعات أم يقومون بضرب بيد من حديد، ومضاعفة قيمة المخالفات والإفادة منها في تجهيز المستشفيات؟ ولعل الأفضل أن نذهب إضافة إلى هذا كله إلى فرض حظر شامل لمعرفة كيف ستؤول إليه الأمور بعدما تظهر نتائج تجمعات الانتخابات.