استعادة املاك الدولة وفرض سلطة القانون على من وضع اليد على بعض املاك الدولة ، فقام بزراعتها وإحاطتها بالأسوار وخلق وقائع جديدة ، ليست مسألة تحتمل الخلاف بوجهات النظر ، بل مسألة تتعلق بالإجابة على بديهة هل نحن مع فرض القانون على الجميع أم لا؟ والاجابة عل هذا التساؤل يجب أن تكون بالإيجاب ، فخلق وقائع جديدة من خلال بعض الاجراءات الشكلية مكن كثيرين من التمادي والسيطرة على ما لا ليس حقا لهم ، والتساهل الذي أظهرته الحكومات المتعاقبة حيال هذه المسألة شجع على التمادي وخلق ما بات يعرف بالحقوق المكتسبة ، لذا جاء رد الفعل على تصويب هذا الخلل عنيفا من قبل المعتدين الذين ظنوا أن يد الدولة أقصر من أن تطالهم ، فحملوا السلاح بوجه قوات الأمن التي تطبق القانون.
والحجج التي يسوقها من يتبنون نهج الاعتداء على املاك الدولة ترتبط بالمستوى المعيشي أو حالة الفقر السائدة في بعض المناطق ، وهذا المنطق يعني أن على كل فقير توظيف وسائل غير قانونية لدرء فقره ، وهذه دعوى للفوضى الشاملة لا تحمد عقباها ، والتفكير السليم يقتضي ايجاد وسائل شرعية تنسجم مع القوانين السائدة لحل مشكلات إذا كانت مرتبطة أصلا بهذا الموضوع ، فلماذا لا تتم الدعوة الى تأجير هذه الاراضي باسعار معقولة مع الاقرار بأن ملكية هذه الاراضي هي للدولة ومن حقها وحدها التصرف بها ، وبذلك تصبح العلاقة منظمة وتنسجم مع المصلحة العامة.
كذلك يجب التنويه الى ان من اعتدوا على املاك الدولة ليسوا من فئة الفقراء ، بل هي فئات متنفذة تعتقد انها قادرة على كسر القوانين والذهاب الى أبعد من ذلك كما حدث في الشونة يوم أمس الأول، ودعونا نتساءل ماذا يعني عدم قبول وضع عدادات مياه على الآبار غير القانوينة ، ولماذا لا يتم دفع اثمان المياه والكهرباء للشركات ، فكل ذلك يعتبر سرقة في وضح النهار تم السكوت عليها طويلا لدرجة جعلتها تبدو كأمر طبيعي.
ومن المهم لإنجاح الحملة الاستمرار بسياسة القبضة الحديدية ، وأن تكون شاملة وعادلة لا تستثني طرفا على حساب الآخر ، ويجب أن تتواصل بحيث يصبح معلوما أن الحكومة تنفذ توجها لا رجعة عنه ولن تخضع للابتزاز أو المساومة ، والحكومة بهذا الإجراء لا تفتعل أزمة أو تبحث عن مخارج بل تسعى لتصويب أوضاع تم السكوت عليها طويلا وآن أوان استحقاقها ، فهي (الحكومة) صاحبة الولاية وهي الوحيدة المخولة باستخدام القوة لفرض القانون ، والبديل الانتقاص من هيبتها وسيادة حالة من القوضى.