لقد حَركَتْ الشيلة شعور المواطنين بطريقة لم يشهدها الشارع من قبل، كلمات كلها حماسة وتعبيرات عن القوة والاستعراضات المصحوبة بنوبات ذات طابع إنفعالي.
إن ما حدث من خروج العديد من المجموعات لتعبر بمختلف الطرق عن مشاعرها، ان كانت الفرح ام الغضب او مزيجا بينهما، ما هو الا انصهار للشعور الداخلي المكبوت ووجد من يحركه، فالكلمات القاصفة في أغنية "الهدف "مرصود والرشاش جاهز" كانت بمثابة كلمة السر الضائعة من صاحبها، والبيئة الإنتخابية الممزوجة بالقلق والخوف والترقب، في ظل الرغبة الجامحة للسيطرة والحصول على النفوذ من كل الاطراف ، هذه الصورة الوصفية تجعل المراقب يتنبأ بحرب أطول من حرب داحس والغبراء ، هذا المزيج من الشعور بالكبت والرغبة في السيطرة والانسجام مع المحرك النفسي بالاغنية، كلها تلخص مشهد يسمى التنفيس الإنفعالي.
"ويحدث التنفيس الإنفعالي عندما يفشل المرء عن التعبير عن مشاعره الدفينة بشكل مباشر، فيقوم بالتعبير عنها بشكل مختلف تماماً، وقد يكون ذلك بشكل سلبي كالسلوك العدواني للذات وللآخرين وكنوبات الغضب".
نعم ان كل ما ضجت به وسائل التواصل الاجتماعي من فيدوهات تظهر سلوك غير اعتيادي ونشاط عدواني، عبر فيه الناس بإطلاق العيارات النارية والشيلة وعما يدور في أعماق مشاعرهم، لم يكن النجاح للمرشحين هو الدافع الوحيد في هذا التصرف، لقد عاشت الاردن مشهد انتخابات 2016 وكانت الاحتفالات بالنجاح والنواب الجدد ذات طابع عادي، اطلقوا فيها النيران وأقاموا المهرجانات والولائم، لكن منذ ذلك الوقت ليومنا هذا خرجت الامور عن مسارها، انحرفت وأصبحت غريبة عنا، لنجد أنفسنا أمام مشهد مخيف مروع، سلوكات غير مسبوقة وحروب هوائية لإسقاط أشباح السلطة التنفيذية التى تحوم في مخيلتهم، من يفسر هذا السلوك على أنه مخالف للقانون دون الوقوف على سبب هذا السلوك أصلا فاما أن يكون قاصدا أو جاهلا لمفهوم السلوك الإجتماعي، وهذه هي المصيبة الكبرى، وبداية النهاية.
مؤشر مجتمعنا الاخطر..
من منطلق الحرص على التماسك الوطني والإجتماعي يجب علينا جميعا التوقف عند هذا الحدث المؤسف بكل جوانبه وأبعاده وهنا يكون الأسف:
-الأسف على تعاملنا مع الوباء، وعدم الإلتزام بقواعد السلامة العامة والتباعد.
-الأسف على العزوف الكبير عن المشاركة في الإنتخابات النيابية مما سبب خلل في التشكيلات السياسية والديمغرافية وشوه الديموقراطية.
-الأسف على ما بعد إعلان النتائج للإنتخابات في عديد من المناطق التى شهدت سلوك إنفعالي غير مقبول.
-الأسف على الشباب والشابات الذين كانوا الأمل في التغيير ولكنهم انقسموا بين أغلبية صامتة ومقهورين، وبين غاضبين جداً ومنفعلين مع الشيلة والرشاش.
-الأسف كل الأسف على صورة للأردن شوهتها الظروف الحالية محليًا وعربيًا ودوليا.
النداء والاستغاثة اليوم داخلي لمن يحب الوطن ويتمتع بالوطنية سلوك لا شعارات، أنقذوا الأردن من الحظر الذكي والغبي ومن الولاءات الكاذبة والشعارات البراقة، لقد كانت هيبة الدولة بقوة شعبها لا بالقوة القاهرة له، الهيبة للدولة تحتاج منا الحلول المناسبة والصدق والشفافية ومحاسبة المسؤولين عن تراكم الديون والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى ولدت شعورا من الغضب والرفض والخروج عن القانون، انقذوا الشباب والشابات من البطالة والضياع والمخدرات والتشرد، انقذوا الوطن والمواطن قبل فوات الاوان، حمى الله الاردن ومليكه وولي عهده وعاش الشباب.