لا شك ان حكومة د. بشر الخصاونة قد نجحت في ادارة العملية الانتخابية بشفافية ونزاهة ودون أي منعطفات وتأثير علي البنية السياسية، ساعدها في ذلك الالتزام الكامل من اي دائرة بعدم التدخل في سيرها وعدم السيطرة علي مجرياتها أو تحضير نتائجها، كما كان يحدث مسبقا في بعض الحالات، و تم ذلك بناء علي الدستور الأردني والتوجيهات الملكية.
لقد وقفت الحكومة على مسافة واحدة من كل المتنافسين والمرشحين وهذا يحسب لها، مما انتج مجلسا يتميز بوجه جديد من اصل 120 نجحوا للوصول الي قبة البرلمان، ممن لم يسبق لهم الولوج الى معترك السياسة او مقاعد النواب، ونأمل ان يتم الاستفادة من تلك الثورة البيضاء ومنحهم حق التعامل دون مؤثرات لأجل التشريع الحر والمراقبة الامينة والشفافية والانفراج السياسي بوجود ممن هم بعيدون عن تعليمات الهاتف، وأن تتاح لمن هم عاشقين لخدمة وطنهم حرية القرار والتصويت دون قيد او شرط او مقايضة او تلوث.، بدون سياده او هيمنة.
بل اضيف على السلطة التنفيذية الا تتوغل على السلطة التشريعية حتى يتم تغيير النهج والذي هو مطلب شعبي.
واعتقادي ان دولة د. بشر الخصاونة وحسب معرفتي به وبمعالي د. هاني الخصاونة والده من قبل، قادر على تلمس ذلك ومؤمن بالتغيير والانفتاح وتطبيق القانون بعدالة.
لقد تميزت هذه الانتخابات بعدم وجود نصف المقاعد مقرره سلفا، وبوجود قوائم انتخابية نص عليها القانون وعادت بالنفع على التمثيل المطلوب لمصلحة المواطن والوطن. وتميزت أيضا بمقاطعة من قبل البعض وهو تعبير سياسي متبع في كل الدول الدمقراطية لا ينقص من قيمة العملية الانتخابية او يقلل قيمتها ونتائجها، بل يجعل من المقاطع مسؤولا عن النتيجة ومساهما في مخرجاتها.
ادعو الحكومة ان تستمر في نهجها، وأن تسمح لكافة التيارات الفكرية والسياسية على اختلاف منابتها، شريطة ان تكون نتاج الوطن الأردني لا تابعة لمنظمات او أحزاب خارجية، او قوى الظلام، وأن تكون مشاربها من عمق عشق تراب الأردن وجباله وصحاريه ونهره، مما يجعل الوجود في الساحة السياسية مشعلا يساهم في بناء هذا الوطن الحبيب. و لعل عمل دورة تدريبية مدتها أسبوعا للنواب الجدد، عن كيفية القيام بالأعمال التشريعية ، كيفية التصويت، كيفية الاعتراض، وكيفية الإدارة و تشكيل اللجان، ودور النائب ومهام كل لجنة، وعرض مواد الدستورعليهم به من الفائدة الشاملة للجميع.
وصحيح أن هذه الانتخابات تتم والمشهد السياسي العربي الراهن محتقن باحتمالات مأساوية على الشرق الأوسط وقضاياه المصيرية ومنها الفلسطيني والعراقي والسوري وفي وقت تسارع الهرولة نحو التطبيع مع إسرائيل و التي بالإمكان ان تكون مصدرا حقيقيا لنوعية حاضر الأردن ومستقبله، ومع عودة الحزب الديمقراطي للحكم في أمريكا و تدخلاته المتوقعة.
لكن الصحيح أيضاً أن هذه الحكومة بتشكيلتها وبادارتها للانتخابات كانت تغييراً نوعياً طرأ على المناخ السياسي الاردني لجهة توحي بإمكانية التقدم بخطوات نحو بدايات مبشرة للإصلاح الديمقراطي المطلوب بما يعيد النظر بطابع ودور المؤسسات التشريعية والسياسية.
وبالتالي لمسنا تطورا جديداً على مجرى الانتخابات وعلى جوهر النتائج المحتملة تميزها عن سابقاتها، تشكر عليها الحكومة.
نحن امام اردن جديد، يحتاج من الجميع الدعم و المساندة.