شآبيب الرحمة والسكينة تظلل روح القائد الفلسطيني صائب عريقات. كان عريقات سريع البديهة، لمّاحا ومحنّكا في عرض وجهة النظر الفلسطينية في مواجهة دهاء المفاوض الإسرائيلي.
قبل عشر سنوات، تواجه عريقات مع مفاوض إسرائيلي في مناظرة على هامش منتدى دافوس الاقتصادي في البحر الميت.
أذكر أنني عنونت تقريري الإخباري آنذاك: تراشق بالنكات فلسطيني-إسرائيلي على هامش دافوس
المسؤول الإسرائيلي شنّ هجومه المبطن في مستهل المناظرة بسرد نكتة سياسية تشير بفشل الفلسطينيين في قنص اللحظة التاريخية منذ اندلاع الصراع قبل 70 سنة: إسرائيلي وفلسطيني ذهبا لمشاهدة فيلم سينمائي. وقبل رفع الستارة، عرض الإسرائيلي على الفلسطيني رهانا حول حبكة الفيلم؛ في منتصفه، سيقع البطل عن حصانه. وهذا ما حصل بالفعل، فدفع الفلسطيني قيمة الرهان. الإسرائيلي أخذ النقود، ثم أقرّ لمرافقه بأنه شاهد الفيلم من قبل. الفلسطيني ردّ غاضبا: "أنا شاهدته كذلك، لكنني ظننت بأن البطل سينتبه هذه المرّة ويتحاشى السقوط".
التقط الراحل عريقات تلك "التلطيشة" المغلّفة بنكتة، وشن هجوما معاكسا مستخدما السلاح ذاته: ديفيد تلميذ يهودي في مدرسة كاثوليكية بحي منهاتن يعود إلى أبيه مسرورا: ربحت جائزة اليوم عن سؤال انفردت بإجابته. وما هو هذا السؤال يا ديفيد، رد الأب. أجاب الابن: من هو أعظم رجل في الكون على مر العصور؟ طبعا أجبت أنه النبي موسى، صرخ الأب. قطعا لا، أجاب الابن، بل كان اختياري: يسوع المسيح. فغضب الأب وذكّر ابنه بقدسية موسى. أجاب الابن: يا أبتي قدسية موسى شيء وفوزي شيء آخر (في مدرسة كاثوليكية).. “Moses is Moses and Business is Business”
لروح صائب عريقات المغفرة، السكينة والسلام الأبدي.