إن إصدار قرار يقضي بفرض حظر لفترة زمنية لهدف الحفاظ على الصحة والسلامة العامة لأفراد المجتمع، إنما هو المدخل الذي سأطرح من خلاله الرأي الذي يتوسط بين النظرية والعملية.
لا يختلف اثنان في هذا المقام، أننا نمرّ بظروف استثنائية صعبة تستوجب إجراءات وحلول تناسب عسرها وشدتها، إلا أنه وطالما أن الهدف من قرار الحظر الحفاظ على الصحة، فهذه الصحة هي التي تلزم صاحب القرار النظر إليها من جميع جوانبها، ولا يكفي رؤيتها من جانب فيروس كورونا المستجد الذي شغل العالم وأثقله ونحن كذلك، فجانب الصحة القلبية يلزمه الحركة والتحرك والجلوس لفترات طويلة يلحق به الضرر وخاصة أننا في أيام الحظر يزيد طعامنا وتقل حركتنا، وجانب الصحة النفسية يقتضي ترك المكان الواحد ولو لفترات قصار لتغيير الجو المحيط لإثارة إيجابيات النفس وإراحتها.
من هذا المنطلق، ما المانع من السماح لنا من ممارسة الرياضة الصباحية في الحي، وما المانع من استثناء السير في الحي الواحد من الحظر لساعة واحدة لتلك الغاية، وبالقياس مع الفارق أتوقع أن تجربة استثناء الذهاب إلى المساجد أيام الجمع من الحظر نجحت وبمستوى جيد جدًا.
وإذا عدنا إلى المربع الأول، وهو الحفاظ على الصحة والسلامة، فقرارات الحظر ليوم أو لأيام، تدفعنا إلى الأسواق قبل الموعد للتبضع بصور مبالغ بها، وتجدنا بتجمعات وتدافعات وبالتزام بسيط باشتراطات السلامة العامة وعلى وجه الخصوص مسألة التباعد.
وفي ذات الاطار، وحيث أصبح فحص كورونا متوفرا في مؤسسات القطاع الخاص الطبية ومتاحا في كل الأوقات ويستطيع الشخص الاطمئنان على وضعه الصحي دون انتظار، وبالفعل هذا ما يحدث منذ مدة، فكيف سيحصل ذلك أثناء الحظر ولأيام، فمؤسسات القطاع العام الطبية مثقلة وأعداد الإصابات بازدياد، فهل سينتظر إلى حين انتهاء الحظر بتداعيات وتبعيات الانتظار، أم سيسمح لهذه الغاية بذلك، فما المانع.
على أي حال، فإن لكل قصة وجهان، الوجه الإيجابي يتراوح بين النظريّ والعملي بهدف الحد من انتشار الفيروس بين أفراد المجتمع، وأما وجهه السلبي فتجده على أرض الواقع... وما الذي يحول دون تعزيز الإيجابية وتجنب السلبية، بحيث لا يقضي الذئب ولا تفنى الغنم.
ودوما نسأل العلي القدير أن يعيننا ويجنبنا بلاء هذا الوباء.