على هامش استطلاع المائة يوم
د. فهد الفانك
01-04-2010 05:16 AM
استطلاعات الرأي العام حول الموقف الشعبي تجاه الحكومة لا يأتي بحكومة ولا يذهب بها ، فالشرعية لها مصادر أخرى ليس الاستطلاع من بينها ، وإن كان يمثل وقائع يأخذها المسؤول بالاعتبار.
في الذاكرة رؤساء أميركيون هبطت شعبيتهم في استطلاعات الرأي العام إلى ما دون 27% ، ومع ذلك أكملوا مدتهم ، واتخذوا أصعب القرارات ، ولم يشكك أحد بشرعيتهم.
حتى لو كان الاستطلاع معادلاً للانتخابات العامة ، فإن الحصول على أكثر من 50% من الأصوات يكفي ، فقد مر الوقت الذي كانت (شعبية) المسؤولين العرب تتراوح حول 9ر99% ، فيدل ذلك على مواطنين مرعوبين أكثر من دلالته على حكام شرعيين!.
لم يكن مفاجئاً أن تنخفض شعبية الحكومة بعد مائة يوم على تشكيلها ، فقد كانت هذه الأيام المائة زاخرة بالألغام: اكتشاف اختلاس مالي كبير في وزارة الزراعة ، المدونة الصحفية ، عمال المياومة ، لخبطة نتائج التوجيهي ، توسعة وحصرية مصفاة البترول ، تغييرات إدارية على رأس مؤسسات وهيئات هامة...
من الطبيعي أن تثير هذه الألغام قدراً من الغبار ، وأن تقابل قرارات الحكومة تجاه كل منها بقدر من الاستحسان أو الاستنكار أو الاستغراب ، والنتيجة هبوط الشعبية من المستوى الافتراضي عند التشكيل ، إلى المستوى الواقعي بعد الممارسة.
هناك توظيف لنتائج الاستطلاع عن طريق الانتقاء ، فمن تأكيد البعض على الإيجابيات ، إلى تأكيد البعض الآخر على السلبيات ، كما تدل عناوين الصحف في تغطيتها لنتائج الاستطلاع.
وهناك من رأى في نتائج الاستطلاع مبرراً أو دافعاً لتعديل مبكر للحكومة ، وفي الذهن إخراج هذا الوزير أو ذاك ، علماً بأن تعديل أية حكومة قبل أن تكمل سنة كاملة ليس منصفاً ، فمن حق الوزير أن يأخذ وقتاً لإثبات حسن أدائه ، ولا يحكم عليه نتيجة زلة لسان أو قناعة معينة عبّر عنها بصوت مسموع بدلاً من أن يهمس بها في أذن صديق. علماً بأنه لم يكفر عندما طالب الموظف بالحرص على مظهره.
الاستطلاع أكد ما نعرفه من أن اهتمامات الرأي العام الأردني أصبحت تتركز على السياسات الاقتصادية والمالية ، وبضمنها الأسعار ومستوى المعيشة ، وهناك اهتمام متزايد بقضايا الضرائب والموازنة العامة والمديونية ، وتراجع الاهتمام بالقضايا الإقليمية الكبرى التي لا يملك الأردن إمكانيات التأثير فيها وتغيير مجراها.
الراي.