أسفرت نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن على منافسه الجمهوري دونالد ترمب، حيث تسببت جائحة كورونا بترجيح كفة الرئيس المنتخب وبمثابة القشة التي قصمت ظهر الرئيس الحالي ومكنت الديمقراطيين من استعادة البيت الأبيض.
بيد أن الرئيس ترمب ما زال يعاند إرادة شعبه ويبدو أكثر حدّة في تعاطيه مع نتائج الانتخابات التي يصر على تزويرها وسرقتها ويشكك في نتائجها، لينال من المرشح "الخصم" وحتى يقدم صورة أمام الناخب الأمريكي والعالم أجمع أن الانتخابات لم تكن نظيفة في محاولة منه لحفظ ماء وجهه عبر تقمص دور الضحية، وإن كان من الأولى أن يقوم بهذا الدور "المسرحي" منافسه الديمقراطي خالي الوفاض من السلطة حينها.
نظرية المؤامرة التي يعيش فصولها الرئيس ترمب ويحاول عبرها إقناع الشارع الأمريكي بادعاءاته لن تؤتي أكلها، وبخاصة بعد أن بدد حكام الولايات التي تم التشكيك من جانبه بنتائج اقتراعها شبهة التزوير ونجاعة ودقة الإجراءات، لا سيما بعد أن عجز أركان حملته على تقديم بيانات وأدلة دامغة تفضي إلى حدوث تلاعب في العملية الانتخابية، وما جرى لا يتعدى أكثر من أخطاء يمكن أن تشوب أي عملية انتخابية دون أن تؤثر على محتوى ونتائج الانتخابات.
المدهش في هذه الانتخابات الرئاسية أن الديمقراطية التي تعد أحد أبرز دعائم الحكم في الولايات المتحدة ويقوم عليها النظام الفيدرالي،
تم تهشيمها من قبل الرئيس ترمب الذي بدا أكثر إصرارا وتعنتا في رفض مخرجات الصندوق وادعاءاته بعدم نزاهة الانتخابات، يفسر المواقف والممارسات النرجسية التي وسم بها فترة توليه مقاليد الرئاسة خلال السنوات الأربع المنصرمة وسياسات التمييز العنصري والتفرقة التي شكلت مصدر تهديد مباشر للمبادئ والقيم التي قامت عليها أمريكا.
العالم يرقب بعين الاهتمام إلى الرئيس المنتخب جو بايدن الذي يتوقع أن يعيد التوازن إلى سياسة الولايات المتحدة، ويشكل استدارة باتجاه تعظيم قيم افتقدتها أثناء فترة تولي إدارة ترمب مقاليد الحكم إذ ضربت عرض الحائط بقيم العدالة والمساواة التي تعد البذرة الأولى لأبجديات النهج الديمقراطي لضمان ديمومته، والتحدي في إمكانية تصنيع علاج للقضاء على فايروس كورونا الذي ربطه كاستحقاق مهم في إعادة الألق إلى الاقتصاد الأمريكي، وبخاصة بعد أن وصلت الإصابات في الفايروس إلى أكثر من عشرة ملايين مواطن.
الأزمة في العلاقة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري من المرجح أن يتجاوزاها عبر تفاهمات يصلا خلالها إلى معادلة توفيقية عمادها ومظلتها مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية أولا ويدلل تصريح المرشح الجمهوري السابق للرئاسة الأمريكية ميت رومني بأن الرئيس المنتخب سيعمل على توحيد البلاد مع إمكانية العمل مع بايدن وفق أجندة يتفق عليها الحزبين.
أمريكا رجحت كفة بايدن بعد أن تعهد بمعالجة قضايا داخلية قضّت مضاجع الناخب الأمريكي، وأطلق وعودا بأن يكون رئيسا لكل الأمريكيين بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية في محاولة جادة إلى رأب الصدع وإعادة توحيد الشارع الأمريكي، لكن ماذا عن سياسة الولايات المتحدة فيما عرف بصفقة القرن التي تبنتها إدارة ترمب وعلاقاتها مع دول الجوار والاتحاد الأوروبي وغيرها من الملفات التي ترتقي إلى مستوى بالون اختبار تعبر عن مدى صدقية بايدن في فتح مسارات كانت أغلقتها إدارة الرئيس التي شارفت على الانتهاء؟.