د. عمر الرزاز و "أخلاقية المسؤولية"
يوسف عبدالله محمود
08-11-2020 06:34 PM
بداية اقول إن د. عمر الرزاز -مع حفظ الالقاب- ليس قديساً لا يخطئ. هو بشر، والبشر جميعهم خطاؤون.
من هنا، فإن محاولات البعض النيل من كفاءة هذا الرجل حين اسندت اليه رئاسة الحكومة السابقة هو بحق تجن ما بعده تجن. د. عمر الرزاز يكفيه فخراً ان يده نظيفة.
كعادة البعض ما من رئيس وزراء حكم الا وغضوا النظر عن نجاحاته مركزين على بعض أخطائه يتصيدونها تصيداً. بالطبع أنا هنا لا أُزكي الجميع.
رجل يقول أصبت هنا وأخطأت هناك يستحق ان نثمن موقفه وهو الذي تولى الحكم في اسوأ ظرف مرت به البلاد.
إن مواضع الزلل عند الانسان متوقعة دوماً مهما اصاب من حكمة وذكاء، والدكتور عمر الرزاز ليس استثناء.
أما لومه لأنه لم يخفف من ضائقة البطالة في الرجل لا يملك عصا سحرية. الموارد المالية المتوفرة لديه محدودة والمديونية كبيرة ومتطلبات الانفاق تعجز عنها هذه الموارد! تركة ثقيلة ورثها.
استغرب غمز البعض من قناة هذا الرجل الى حد دفعهم الى اقول إن حكومته كانت فاشلة وان أداءها كان ضعيفاً.
وبصدق اقول إن عطاءه كان متميزاً، وإن شابته بعض الأخطاء. رضى الناس غاية لا تُدرك. وكما قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.
يُحمد لهذا الرجل انه لم يضع نفسه في مركز خاص يحميه من النصح، فصدره كان مفتوحاً لأي نصح يخدم الصالح العالم.
د. الرزاز كان بحق متوافقاً مع نفسه. تلازمه "اخلاقية المسؤولية".
عيبنا في هذا الوطن وغيره من الاوطان العربية ان الكثيرين منا أدمنوا على تجريح هذا المسؤول او ذاك.
يأخذون الصالح بالطالح. تحضرني هنا عبارة ذات دلالة ذكرها المفكر الراحل د. ركي نجيب محمود، يقول: "إنك صاحب رأي بيننا إن كنت صاحب منصب، فعندئذ يتكلم الكرسي الذي تتربع عليه قبل ان يجري لسانك في فمك، عندئذ توزن كلماتك بموازين الذهب والجوهر. عندئذ يهرول اليك الصحفيون والاذاعيون لتنطق لهم بالدُّرر. ويذهب عنك المنصب كما جاء، فتذهب عنك رجاحة العقل وإصابة الراي". (د. زكي نجيب محمود، "تجديد الفكر العربي" ص 296)
تُرى متى ندرك ان الكمال لله وحده؟
أتساءل في النهاية متى نكون صادقين مع أنفسنا، فلا نسمح للهوى والمزاجية ان تكون حكماً بين الصواب والخطأ، فننقاد الى إصدار أحكام غير عادلة على الآخرين؟
متى لا نعطي "حصانة" لأحكام متسرعة تُجرح وتتجنى على من أصاب هنا وأخطأ هناك؟
متى نحمل عبء أمانة "الكلمة" فلا نفقدها مصداقيتها؟
دعوا نقد الآخرين مَدارُه "الحكمة" لا "التجريح". فليقف كل منا عند الدرجة التي تقتضيها "الحكمة". الفضيلة في "العقل" هي "الحكمة". دعونا لا نتجاوز هذه "الفضيلة. دعونا لا نُفقدها قدسيتها. فلنكن صادقين مع انفسنا حين نُقيّم أداء الآخرين، فلا نشتط او نتعامى عن انجازاتهم.