اليوم أزمة أسرَّة وغداً أزمة مقابر إن لم نُغيّر سلوكنا
مجيد عصفور
07-11-2020 11:53 PM
لا يهمنا ما هو تعريف الذروة بالنسبة للعدد اليومي للمصابين بالكورونا وعدد الوفيات واعداد الداخلين للمستشفيات والخارجين منها وكذلك اعداد الخاضعين للعزل المنزلي الى الاستشفاء الذاتي، كل ذلك لا يجيب على السؤال الكبير لماذا اصبحنا الدولة الاولى او الثانية في عدد الاصابات بعد ان كنا بنفس الترتيب في السيطرة ومنع انتشار الوباء.
واذا كان هذا السؤال لم يعد مهما الان بالنظر لسؤال النجاة من الوباء، نتركه جانبا، ونطرح سؤال متى ننتهي او نبدأ اولى خطوات الانتهاء، لان ترك هذا السؤال بلا اجابة واضحة ومقنعة وهذا هو الاهم يعني اننا نقبل ضمنيا ودون اعلان رسمي نظرية مناعة القطيع ونذهب الى المجهول والاستسلام.
لكن قلق الكورونا لا يقف عند لماذا ومتى بل يتعدى ذلك الى البحث عن الحقيقة في ما يتصل بقدرة الجهاز الصحي على الصمود والاستمرار في المكافحة بعد ان ظهرت بوادر الانهاك التي تسبق الانهيار بالاضافة الى الانباء التي تتحدث عن نقص في القوى البشرية المدربة وافتقار تام لاجهزة التنفس التي تقوم بوظيفة الرئة الى ان تستعيد عافيتها وهذه الاجهزة التي لم نكن نعلم عن اهميتها لاننا كنا نظن ان اجهزة التنفس الاصطناعي كفيلة بانقاذ المرضى في الحالات المتقدمة من الاصابة، ولعل عدم وجود او تشغيل اجهزة الاكيمو يفسر سبب ارتفاع اعداد الوفيات.
إن عدم توفر مثل هذه الاجهزة وعدم تعيين وتدريب كوادر طبية قادرة على استخدامها يؤشر الى ان من ادار ملف الكورونا حكوميا قصّر في واجبه ونرفض تعليق هذا التقصير على شماعة عدم توفر الامكانات المالية، لان هذا العذر تحديدا لم يعد مقبولا بعد اربعة مليارات تم اقتراضها خلال السبعة اشهر الماضية فضلا عن مئات الملايين من المساعدات النقدية والعينية على شكل اجهزة ومستلزمات طبية ما يعني ان سوء ادارة الامكانات هو سبب تفاقم المشكلة وليس نقص الامكانات.
لن تنتهي مشكلة تقصير المسؤولين في بلدنا ما دمنا نسير على طريق غض النظر واستبعاد مبدأ الحساب، فلا يجوز ان يبقى الاردن هو البلد الوحيد في العالم الذي يغادر المسؤول فيه موقعه دون ان ينهي واجباته أو دون ان يحاسب على عدم قيامه بواجباته وتصبح علاقته بمنصبه في اليوم التالي للمغادرة كعلاقة اي مواطن آخر.
وكي نكون منصفين وموضوعيين في الحكم على كل الاطراف يجب التأشير على دور المواطنين وعلى ضرورة قيامهم بهذا الدور ليكتمل الجهد في مواجهة الجائحة بدلا من اضاعة الوقت في ممارسة عادة تبادل الاتهامات.
ان الاستفادة من التجربة بتصويب الاخطاء واعادة نمط التعامل مع الوباء بداية صحيحة توصل الى نتائج صحيحة لأن قدرة اي جهاز صحي في العالم ليست بلا حدود، ولا يمكن لأي عدد من المستشفيات استيعاب الاعداد اليومية اذا ظلت بهذه النسبة من الزيادة.
فما زال اكثر من نصف المواطنين لا يلتزمون بكل اسف بمعايير الوقاية على بساطتها، رغم كل التنبيهات ورسائل الرجاء والتوعية وهذه مشكلة اعقد وربما اخطر من مشكلة صعوبات الاستشفاء.
وفي ظل عدم التيقن من امكانية اكتشاف وانتاج لقاح ينهي الجائحة في المدى المنظور ليس من سبيل للنجاة سوى الالتزام بمعايير الوقاية المعروفة، وبعكس ذلك سنظل نودع يومياً مئة عزيز أو اكثر، واذا طال انتظارنا للقاح ولم نغير سلوك اللامبالاة سنفقد نصف شعبنا لا قدر الله، وننتقل حين ذاك من ازمة توفر أسرِّة للمرضى إلى أزمة وجود قبور للمغادرين بلا عودة.
الرأي