تعد الإدارة المرنة والقدرة على التغير ومواكبة الظروف المحيطة المتسارعة والمتقلبة هو ما يميز هذه المرحلة من خلال تنفيذ ما يطلب منا من تبني أساليب جديدة وتطبيقها على ارض الواقع وبكل حرفية، لنتمكن من إدارة هذه الفترة الحرجة التي يرجح امتدادها وفقا لأفضل السيناريوهات الى أشهر او بضع سنوات وبأقل الاضرار.

ونتيجة لهذه الظروف الطارئة والتي عادةُ ما تأتي دون سابق انذار وتجتاح حاجز المكان والزمان فان هنالك دعوات وتوجه الى تفعيل إدارة الاعمال عن بعد، كما ان الشيء الوحيد الذي يمكننا الجزم به في زمن الازمات والطوارئ الذي نعيشه في هذه المرحلة هو أن التكيف أمر واجب.

وعند تبني مفهوم الإدارة المرنة (العمل المرن) كونه نظام عمل يقوم فيه العامل بتأدية واجباته من مواقع مختلفة خارج أماكن العمل المخصصة، فأننا نضمن تحقيق نتائج مذهلة كما ان هذا النوع من الإدارة والاعمال لا يعني بالمجمل فقدان محتوى الموضوع بل على العكس من ذلك سيكون مجديا ويساهم بشكل كبير وواضح في استغلال الموارد البشرية والمادية، كما سنوفر تكاليف التنقل بين المناطق البعيدة والمدن الكبيرة وتوفير تكاليف استقطاب الموظف نفسه ووصوله الى مكان عمله فهذا الأسلوب قد يستفيد منه اكثر من طرف (الموظف والمنشأة) على ألا يؤثر كل ذلك على أجر العامل الحالي.

وكما ان حالات الازمات والطوارئ غير المخطط لها سيكون لها جوانب سلبية كبيرة ومتعددة، فان لها بالمقابل إيجابيات لا تحصى فهي تمكن الإدارة من استغلال مواردها الاستغلال الأمثل وعدم استنزاف الطاقات وتساهم في التشجيع على الابتكار والابداع من خلال تولد نماذج عمل جديدة غير النماذج الروتينية وبما يخدم المصلحة العامة للدول والشعوب على حد سواء.

فهناك مجالات متعددة للاستفادة من العمل المرن منها الاستفادة من شبكات الانترنت المتعددة والمتاحة من خلال تفعيل منصات التعلم عن بعد والتي من المفترض ان توفر بيئة مرنة للطالب والمؤسسات التعليمية وهنا فرصة للاستغناء عن التلقين والاستعاضة عنه بالأسلوب التفاعلي وقد تتوسع مجالات الاستفادة من خلال توثيق عمليات التصحيح والرقابة والتقييم لتصبح الكترونيا.

ناهيك على ان تبني مثل هذا النوع من الإدارة المرنة سيسهم في التخلص من البيروقراطية بحيث ان القرارات التي كانت تحتاج الى اشهر ومن خلال تطبيق هذا الأسلوب سيتم تطبيقها بأسرع وقت وبغمضة عين بالإضافة الى انه بعد تطبيق نظام الاتمتة فأننا نسعى الى التقليل من استخدام الورق والملفات.

وفي المجال الصحي فان الإدارة المرنة ستساعد الكوادر الصحية من استغلال معداتها وأوقاتها بطريقة مثلى وعدم الهدر في الوقت والمال والجهد كما ستنعكس إيجابيات تطبيق هذه الإدارة من خلال اعتماد شبكة صحية معنية بتأمين الادوية وتوفيرها عن طريق اقرب مركز صحي بدلا من الزام المريض نفسه بالحضور الى المركز الرئيسي.

ومن يعتقد بأن العالم سيعود الى ما كان عليه قبل أزمة وجائحة كورونا سيكون واهما ومتخلفا عن باقي دول وشعوب العالم وعلينا ان نفكر في تطبيق أساليب وأفكار ريادية كي لا نستنزف الكثير من مواردنا البشرية والمادية، لذا نحن الآن مطالبون بسبب هذه الظروف للانتقال بالتفكير والعمل من مرحلة (التقليل من الخسائر الصحية وزيادة الخسائر الاقتصادية) إلى مرحلة (الخروج بأقل الخسائر الصحية مع ضمان استدامة عجلة الاقتصاد) كما وعلينا أيضا تحويل التحديات الى فرص والاستفادة من استثمارها للوصول الى طرق وأساليب جديدة واستغلالها الاستغلال الأمثل لكي نتجاوز هذه الفترة وبأقل الخسائر.

ان ما يميز عالمنا المعاصر هو الإدارة المرنة أي القدرة على التغير والتبدل الدائمين، ولعل الإدارة المرنة هي الخيار الأكثر عقلانية وقد يكون الخيار الوحيد الذي يتوجب على جميع مكونات الدولة اتباعه، فالمنظمة الجامدة التي لا تستطيع مواكبة هذه الوسائل والأدوات الحديثة وتبقى متمسكة بمبادئ ونظريات قديمة عفا عليها الزمن ليس من المرجح أن تحظى بدور قيادي وريادي في المستقبل الذي لا يعلم أحد عن ملامحه شيئًا.