مخاوف الامير تركي الفيصل
السفير الدكتور موفق العجلوني
07-11-2020 02:00 PM
عندما يدلي شخصية سعودية قيادية أمنية سياسية دبلوماسية بحجم سمو الامير تركي الفيصل بتصريحات يجب التوقف عندها ملياً. ويجب اخذ هذه التصريحات بجدية متناهية، وتحليلها وقراءة ليس ما بين السطور فحسب، وانما ما خلف السطور.
لم تأتي هذه التصريحات جزافاً وخاصة في ضوء الاحتدام الكبير في الانتخابات الاميركية بين بايدن وترامب. علاوة على وشك إذا لم يكن موءكداً فوز بايدن بانتخابات الرئاسة الاميركية لأربع سنوات قادمة.
تصريحات سمو الامير تركي الفيصل وهو الشخصية السعودية العربية الاسلامية المعروفة - وخاصة وان سموه كان على راس اهم المؤسسات الامنية في المملكة العربية السعودية لمدة ٢٤ عاماً، ثم سفيراً لدى المملكة المتحدة وبعدها سفيراً لدى الولايات المتحدة الأميركية - ليس فقط على مستوى المملكة العربية السعودية ولكن على مستوى العالم لما تتمتع به المملكة من مكانه على مستوى الخليج العربي والعالم العربي والاسلامي والتحديات التي تواجه المنطقة بشكل عامً. و بالتالي شخصية مثل سمو الامير تركي الفيصل، و الاقرب الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز و نجل المرحوم جلالة الملك فيصل و شقيق امير السياسة الخارجية وعميد وزراء الخارجية المرحوم سمو الامير سعود الفيصل رحمهم الله ، عندما يصرح يجب الوقوف عند هذه التصريحات ملياً و اخذ الحيطة و الحذر و كافة الاحتياطات و الخطوات القادمة باتجاه الولايات المتحدة الأميركية من حيث استشراف مستقبل العلاقة الاميركية مع الرئاسة الجديدة تجاه المنطقة و خاصة تجاه عملية السلام و انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية الى حدود ما قبل عام ١٩٦٧ و
اقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية ، و ما هي التوقعات و الآمال التي بنيت على الرئيس الجديد بايدن مقارنة بالرئيس السابق ترامب .
يبني سمو الامير تركي مخاوفه في تصريحه على المعطيات التالية:
١- في حالة انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، فإن هذا لن يلغي إجراءات إدارة ترامب المؤيدة لإسرائيل، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان".
٢ - في حال أن أصبح بايدن رئيساً لأمريكا فإنه لن يتراجع عن المكان الذي قاد فيه ترامب بلاده، سواء كان ذلك في القدس، أو في مرتفعات الجولان، أو فيما يسمى بالاتفاقات الإبراهيمية".
٣ - ما يقلقني بشأن بعض الأوساط العربية، وخاصة أصدقائي وإخوتي الفلسطينيين، هو أنهم إذا كانوا يتوقعون أن يكون جو بايدن مختلفا عن دونالد ترامب فسيصابون بخيبة أمل شديدة من ذلك".
ويستند سمو الامير الفيصل في مخاوفه الى ما صدر عن السيد جو بايدن سابقاً من تصريحات:
- في العام الماضي ٢٠١٩ اعترف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وقال بايدن انه سيحتفظ بالسفارة الاميركية في القدس إذا انتخب رئيسا.
- في وقت الاعلان عن اتفاق السلام بين دولة الامارات العربية المتحدة وإسرائيل، قال جو بايدن إنه "مسرور" من هذه الخطوة.
- قال مسؤول كبير في حملة بايدن لوسائل الإعلام الأمريكية أن مرشح الحزب الديمقراطي لن يعكس على الأرجح اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.
- قال جوً بايدن إنه سينقض سياسة ترامب في الشرق الأوسط، والمتعلقة بانسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".
- صرح بايدن: " أنه سيعود إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، لكن ستكون لديه شروط للعودة، وما زلنا لا نعرف ما هي هذه الشروط".
باعتقادي، ان سمو الامير تركي الفيصل يوجه رسالة صحوة للعالم العربي وخاصة الجانب الفلسطيني بالتحرك الفوري وبتنسيق عربي مشترك مع الادارة الاميركية الجديدة، على التزام ادارة بايدن بالشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة تجاه رعاية عملية السلام التي التزمت بها الرئاسات الاميركية السابقة والتي نسفها الرئيس ترامب.
والأهم من ذلك كله ان. سياسات الدول ومواقفها حسب مصالحها، فهل فهم الجانب الفلسطيني ان الخلل يقع داخل البيت الفلسطيني.
وعلى الجانب الفلسطيني في كل من غزة والسلطة واشتات ان يكونوا يداً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والتعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة، وان تكون مرجعتيهم البيت العربي وخاصة في ضوء التطورات في المنطقة، وإدراك انه حان الوقت للخلاف الفلسطيني الفلسطيني ان ينتهي، ولكي يقف الجميع الى جانب عملية السلام بما يخدم الأهداف الفلسطينية، وعلى الجانب الفلسطيني ان يعالج الخلل الداخلي وان يبتعد عن التجاذبات هنا وهناك. فالقضية الفلسطينية هم عربي اولاً واخيراً. والمملكة العربية السعودية لم تتوانى يوماً ما عن الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني وتقديم الدعم اللازم والتنسيق دائما اولاً مع الاودن ومع الشقيقة مصر. فقبل ان نلقي اللوم على الرئاسات الأميركية، علينا ان نوحد الصف الفلسطيني، عندها سنصل الى اهدافنا وننتزع حقوقنا المشروعة والتي اقرها المجتمع الدولي.
ان فشل ترامب في الفوز بالانتخابات لدورة ثانية وفوز بايدن هو رسالة للشعب الاميركي نفسه والعالم بان القرارات التي اتخذها الرئيس المنتهية ولايته ترامب هي قرارات لا تستند الى الشرعية الدولية وانما قرارات " نتنياهية – ترامبيةً " احادية لمصالح شخصية، حتى انها رفضت من العديد من القيادات الاميركية والقيادات الإسرائيلية الى جانب رفض المجتمع الدولي.
وهذا تأكيد على الموقف الدائم والداعم للمملكة العربية السعودية تجاه عملية السلام الذي استند الى المبادرة العربية والتي أطلقتها المملكة العربية السعودية.
نعم هذا مفهومي لتصريحات سمو الامير تركي الفيصل في ضوء التحديات التي تمر بها المنطقة، ناهيك عن جائحة كورونا التي تعصف في العالم وتحتاج الى جهود من كافة الدول لمواجهة ومكافحة فايروس كورونا.