كورونا و مرحلة ما بعد الأنتشار المجتمعي
أ.د. مهند القضاة
07-11-2020 01:14 AM
أعتقد أننا تجاوزنا مرحلة الانتشار المجتمعي الى مرحلة جديدة أصعب و أخطر وهي مرحلة الضغط على القطاع الصحي ، وهذه المرحلة تتطلب أجراءآت جريئة وسريعة وقد تكون متغيرة حسب مؤشرات الواقع الصحي حتى لا ندخل في نفق هذه المرحلة المظلمة والتي قد تنقلنا الى نهاية هذا النفق وهي مرحلة أنهيار القطاع الصحي ، هذا القطاع والذي فاخرنا فيه لسنوات ، استطاع ان يتماسك ويتعاضد على الرغم من صعوبة الأسابيع الماضية .
المؤشرات والأرقام تثبت أننا دخلنا هذه المرحلة سريعاً وبدون الولوج في مرحلة رمادية تسمح للقطاع الطبي بإلتقاط الأنفاس وإعادة برمجة البروتوكولات الصحية لتتناسب مع الواقع الجديد :فنسبة إيجابية الفحوصات منذ ايّام ارتفعت تصاعدياً حتى وصلت الى أرقام عالمية فتراوحت حول ٢٠٪ ، وصاحبها أيضاً وللأسف ارتفاع غير مسبوق في إعداد الوفيات اليومية ، وخلال هذه المرحلة أعلنت معظم المستشفيات العامة توقف تقديم الخدمة العلاجية المبرمجة مسبقاً في العيادات والعمليات بأستثناء الحالات الطارئة لتوفير ألاسرة فيها لحالات مرضى الكورونا ، على الرغم أن الحكومة الجديدة صرحت أن وزارة الصحة ليست كورونا فقط وان الارتقاء بالخدمات الصحية يجب ان يسير مع رفع الإمكانيات الصحية لمواجهة هذه الجائحة.
من العلامات الدالة أيضاً وبوضوح الى دخولنا في مرحلة الضغط على القطاع الصحي:الإصابات العالية والغير مسبوقة في الكوادر الطبية فبعضهم في حالة حرجة
وللأسف سجلنا وفيات في خطوط الدفاع الاولى من الزملاء الأختصاصيين و في تخصصات يصعب تعويضها في وقت نحن في أمس الحاجة الى خبراتهم التراكمية الطويلة.
في اليومين الماضيين أنتشرت الشائعات والتحليلات وربما الاتهامات عن توفر جهاز (ECMO) في المملكة حتى وصف البعض أن هذه الأجهزة هي المنقذه للحياة في حاله فيروس كورونا وأن عدم توفرها السبب الرئيس لأرتفاع نسبة الوفيات في غرف العناية الحثيثة في الأردن ، وهذه الإشاعات والأخبار المضللة هي أيضاً من العلامات الدقيقة لدخولنا في مرحلة الضغط على القطاع الصحي حيث تغيب المعلومة العلمية الدقيقة ويتأخر إلخطاب الرسمي عن تقديم أرقام وحقائق تضحت فيه الإشاعة وتثبت عند المواطن وهو الشريك الرئيس في مواجهة هذه الجائحة المعلومة الطبية الوطنية الصحيحة.
ما سمعته من زملاء أثق بهم وبخبراتهم وما نُشر في أدبيات الطب وفقاً للبراهين الطبية يُشير ان هذه الأجهزة متوفرة في القطاع الطبي الاردني العام والخاص وأننا نملك كوادر طبية مؤهلة للتعامل معه ألا أن هذه الأجهزة ليست تلك الأجهزة السحرية القادرة على أبعاد شبح الوفيات عن الحالات الحرجة في غرف العناية الحثيثة .
مطلوب منا اليوم الوقوف خلف الجيش الأبيض ومساعدته ورفع معنوياته ، ومطلوب من الجهات الصحية الرسمية أن تخاطب المواطن بخطاب علمي وطني دقيق يُعري فيه الشائعات ويزيد الثقة وألتزام المواطن بالتعليمات الصحية ،
فنجاتنا بأيدينا :الالتزام بالأجراءات الصحية الوقائية والتباعد الاجتماعي ، فعنوان المرحلة محبتنا في تباعدنا .