ليس لنا إلا أن نزجي الشكر والتقدير للمركز الوطني لحقوق الإنسان، لما عبّر عنه بيانه عن حق التعليم، وما لحق به في ظل جائحة كورونا، وما شهد هذا الموضوع من تجاذبات ونقاشات حول جدوى تبني استراتيجية التعليم عن بعد، ومما لا شك فيه أن الضرورة قد أملت على كثيرٍ من الدول تبني تجربة التعليم الإلكتروني عن بعد، الذي من المفترض أن يطور التعليم وينمي المهارات، إلا أن ذلك لا يتحقق إلا إذا توفرت البيئة الإلكترونية والرقمية، فهل كان قرار وزارة التربية والتعليم ناضجاً ومتكاملاً عندما تبنى "منصة درسك" لما يزيد على مليون ونصف طالب؟ وهل وقفت على تمام وجاهزية البينة التحتية في مجتمع مقسوم بين من يملك ويستطيع الاشتراك بشبكة الانترنت بقسط ثابت من دخله المحدود ومن لا يملك أو يعاني من الضائقة المالية؟

من أهم مركبات التعليم الإلكتروني هو توفر أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، فهل وصلت هذه الأجهزة إلى المناطق النائية في القرى والأرياف؟ وهل تملك كل أسرة أردنية جهاز كمبيوتر؟ وهل يستطيع جميع طلبتنا أو أولياء أمورهم استعمال مهارات الكمبيوتر اللازمة للاستماع إلى المحاضرة والتفاعل معها وإدخال المعلومات وتقديم الامتحانات؟

هذه الاسئلة والكثير من الظواهر التي أعقبت التحول إلى التعليم عن بعد تستدعي الوقوف عندها، وحسنٌ ما قام به المركز الوطني لحقوق الإنسان، عندما أصدر بيانه المهمّ جداً في هذه الآونة، حيث يتصدر الاهتمام والحفاظ على مستوى التعلم والتعليم جدول الأولويات بعد الاهتمام بصحة وسلامة الطالب، وهذه يجب مراعاتها، وهي لن تتأثر إذا أخذنا بنظام التعليم المدمج. إنّ ترك جيلٍ كامل من أطفالنا تحت رحمة التعليم الإلكتروني عن بعد، وتعميمه على جميع المناطق والمدارس، قد يفيد في جوانب ويضر في جوانب أخرى، ومن الممكن أن يوصل بعض اطفالنا وبعض أولياء أمورهم إلى حالة من اليأس، وقد يدفع ببعضهم إلى الخروج من المنزل للتسول، وهي ظاهرة بدأنا نشاهدها بتزايد على الإشارات الضوئية وأبواب المولات الكبيرة.

جلالة الملك كان السبّاق بالتوصية والحض على اتباع نهج التعليم المدمج، ونحن نرى أن ذلك يشكل بديلاً مقبولاً، بحيث لا يجري قطع التواصل الاجتماعي بين المعلم والطالب، ولو على نطاق محدود، وضمن ضوابط وإجراءات يتم فيها المقاربة بين الحفاظ على صحة الطلبة وبذات الوقت تلقّي التعليم الضروري لبناء الناشئة من أبنائنا، كما حض على ذلك بيان المركز الوطني لحقوق الإنسان.