يعتبر من آثار الترشح للانتخابات اكتساب المرشح مركز قانوني يمكـّنه من الحق بإجراء الدعاية الانتخابية، لما لها من أثر بنشر فكر المرشح وهدفه من الترشح ومنهجه بالعمل النيابي.

وضمن القانون للمرشح حرية الدعاية الانتخابية وفق أحكام القانون، وألزم وسائل الإعلام الرسمية معاملة جميع المرشحين بحياد ومساواة، كما قيّد المرشحين إجراء الدعاية الانتخابية وفق أحكام الدستور وسيادة القانون واحترام حرية الرأي والفكر لدى الآخرين والمحافظة على الوحدة الوطنية وعدم التعرض لأي دعاية انتخابية للمرشحين الآخرين من المرشح أو بوساطة أعوانه.

وقد مكـّن القانون المرشحين من نشر الاعلانات والبيانات المتضمنة أهدافهم وخططهم وبرامج عملهم، مع عدم جواز استعمال شعار الدولة الرسمي في الاجتماعات والإعلانات الانتخابية، وعدم الإساءة لأي مرشح أو شخص أو إثارة النعرات في مختلف وسائل الدعاية الانتخابية.

وحظر القانون على الموظفين ورؤساء المجالس البلدية والمحلية ومجالس المحافظات وأعضائها القيام بالدعاية الانتخابية في أماكن عملهم أو استخدام أي من ممتلكات هذه المؤسسات في الدعاية الانتخابية. وحظر على أي مرشح تقديم الهدايا أو التبرعات أو المساعدات أو غيرها من المنافع أو الوعد بتقديمها، وعلى أي شخص أن يطلب هذه الأمور لنفسه أو غيره.

وقد فصّلت التعليمات التنفيذية الخاصة بقواعد حملات الدعاية الانتخابية رقم 7 لسنة 2016 وتعديلاتها مبادئ الدعاية الانتخابية وأحكامها وإجراءاتها والقيود المترتبة على القوائم الانتخابية والمرشحين ووسائل الإعلام في إجراء الدعاية الانتخابية والتعامل معها وفق مواصفات محددة، ونظّمت هذه التعليمات السقوف المالية للحملات الانتخابية ومواردها وفتح حسابات بنكية له ورقابتها.

وتتمتع الهيئة المستقلة للانتخاب ولجان الانتخاب بموجب القانون بصفة الضابطة العدلية في مراقبة التزام المرشحين بأحكام القانون والتعليمات في تنفيذ نشاطات الدعاية والحملات الانتخابية.

وإثر ذلك، مـدّ قانون الانتخاب الدعاية الانتخابية بالحماية الجزائية، بمعنى أنه اعتبر ارتكاب أي من الأعمال المحظورة جرائم انتخابية يعاقب فاعلها بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة شهور ولا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تزيد على الف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين. بالإضافة إلى حق الجهات المختصة إزالة أي دعاية انتخابية مخالفة للقانون.

المسألة المثيرة في الدعاية الانتخابية وفق مستجدات وباء كورونا مدى حق المرشحين بفتح المقرات الانتخابية، فلم ينص قانون الانتخاب على فتح المقرات الانتخابية أو منعها إنما قيّد فقط إقامة المهرجانات والتجمعات بمسافة لا تقل عن مائتي متر من مراكز الاقتراع والفرز، مما يعني حق المرشحين بفتح المقرات والتجمعات وفقا لمقتضيات حرية الدعاية الانتخابية وقاعدة الأصل بالأشياء الإباحة. وكرست التعليمات التنفيذية رقم 20 لسنة 2020 الصادرة في 16/6/2020 المعدلة للتعليمات الخاصة بقواعد حملات الدعاية الانتخابية هذا الحق بنصها على بعض القيود المفروضة على المرشحين عند فتح المقرات الانتخابية، مثل توفير المعقمات وارتداء الكمامات وعدم افتتاح المقر قبل الحصول على موافقة رئيس الانتخاب.

ولكن نظرا لتفاعل الوضع الوبائي عاد مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب بتاريخ 1/11/2020 وعدّل التعليمات التنفيذية الخاصة بقواعد الحملات الانتخابية ليجيز للمجلس وفي ضوء الوضع الوبائي في المملكة ومنعا لتفشي فيروس كورونا بين الناخبين أن يقرر إغلاق المقرات الانتخابية للمرشحين للمدة التي يراها مناسبة.

أرى، أن قرار مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب بمنع المقرات الانتخابية فيه مساس بحرية الدعاية الانتخابية. فبما أن الهدف من هذا القرار هو منع تفشي فيروس كورونا، كان الأسلم قانونا أن يصدر أمر دفاع من رئيس الوزراء بموجب قانون الدفاع يمنع فيه فتح المقرات الانتخابية أو إقامة المهرجانات والتجمعات الانتخابية، لما لأوامر الدفاع من صلاحية وقف قوانين الدولة العادية وفق حكم المادة 124 من الدستـور.

الدستور