تعاودني ملامحه كل ليلة...تجتاح أحلامي بشراسة..أجدني أفيق متمتة باسمه، لأمد يدّي ولا أجده..ويعتصرني الحنين...
تنصحني صديقة بالتقرب الى الله، معتبرة هلوساتي به خيانة.. تخبرني بان أصلي ركعتين قبل الخلود الى النوم، علّني أمسح صورته من القلب..ولا تدرك تلك الصديقة أن كل خطوة باتجاه الرب تقربني اليه..
أشاغل نفسي بأمور تافهة...علّني أنسى، أتصفح مجلة تتحدث عن أحدث صيحات هذا الشتاء..وأقرأ مقالا عن الوزن المثالي.. وأجده أمامي من جديد.. كل الأشياء تذكرني به، كرهه الشديد للأرقام..حديثه اليّ حول سذاجة أن نربط مقدار سعادتنا برقم، أكان هذا عمرا أو وزنا أو رصيدا في البنوك..
ألجأ للتلفاز، ويطل مذيع النشرة ، مستفزّا بلهجته الصحراوية ..مشعلا الرماد المتراكم في صدري...أيمكن للكنة وحدها دون سواها أن تفجّر ينابيع من الألم؟
هي اذن مؤامرة... تجتمع كل تفاصيل حياتي اليومية متحدة لكي لا أنسى...لا بد لي من التخلص منه، أتنفس رائحته في كل مكان، أكاد أختنق...حتى أغلى انواع العطور لا تجدي نفعا، يبدو أن رائحته ستسكن الجسد للأبد... " لم هذا الاحتلال؟؟ " أحدث نفسي، " من الأفضل أن أتنزه قليلا"..
أتمشى في الممرات، أتجنب عمدا كل الأرصفة التي وطئتها أقدامنا يوما، وأبتعد عن جميع تلك المقاهي التي شهدت لمحات من حياتنا.. " لن أحتسي القهوة.." فمذ غادرني وللقهوة مذاق السم في فمي...أصطدم عرضا باحداهن.." لا..ليس أنت!! " أحاول المضي دون اعتذار، لكنها تستوقفني ضاحكة، ويذهلها شحوبي..وتتلفّت في كل الاتجاهات باحثة عنه، ويغوص قلبي أعمق.. " أرجوك..لا تسأليني .." وكأن الأقدار تعاندني، " أين هو؟ لم أعتد رؤيتك دون ذراعه تلتف حول الكتف؟؟!!"
لا بد أنها مؤامرة,,, أين الهروب منك؟ أقود سيارتي متوجهة لمكان لم أحدده بعد، وتنطلق ألحان الأغنية التي كنت تحب، ويتمزق ما تبقى من القلب...أغلق المذياع، لكن الكلمات لازالت تخترق أذنيّ كالسهام..
أجد نفسي أمام متجر جديد.. بألوان براقة، وأحدث نفسي " أعتقد أنني قد قطعت شوطا لابأس به لأتخلص من ذاك الهاجس الذي يدعى هو...سأكافئ نفسي بحلة جديدة "..أتوجه الى المتجر، ولبعض من اوقت تختفي ملامحه من الذاكرة، ولقليل من الوقت أشعر براحة حقيقية...
وقبل أن ادفع ثمن مشترياتي، ألقي نظرة أخيرة على حقيبة التسوق الممتلئة..لأرى أنني ودون قصد ، أخترت جميع الألوان التي كان يحبها..وتتسمّر يداي على الحقيبة..وعيناي على الثياب..
"كاش أم فيزا يا آنسة؟؟"
"لا,,, لن آخذها ، لم يعجبني أي منها..." ألم أقل أنها مؤامرة؟؟
وأغادر المتجر مسرعة، بينما تلاحقني نظرات البائع الغاضبة..لا بد أنه يظنني مجنونة...أه ، لو يدري...