اولا وقبل كل شيء الشكر للصديق محمد الصبيحي وللأحبة في صحيفة عمون بعدما منحوني مجددا فرصة للتوضيح والاضافة والشرح المختصر بعد المقال الذي كتبه صديقنا الاستاذ الصبيحي تعليقا على مقالي بعنوان "زمّر إبنيّك".
الاصطياد والمناقشة لعبة المحترفين وثمة قيمة يعرفها الجميع بالحوار والنقاش مع اني اجد نفسي ملزما بالاتفاق مع اخي الكاتب والقانوني المحترم على ان الظروف التي نمر بها في الوطن العزيز بالغة الصعوبة والتعقيد وبصيغة لا تخفى على احد وهي نفسها الظروف التي ذكرتني بالتبرع الكريم الذي قام به نشامى الوطن قبل عدة سنوات دعما للخزينة في عهد حكومة الدكتور فايز الطراونة عام 2012.
يستغرب الاخ الصبيحي ان ممدوح العبادي الذي عرفه الجميع منحازا لفقراء الوطن لن يجد اليوم مصدرا للتبرع الى وزارة الصحة الا الاجهزة الامنية ويقول الصبيحي: نسي العبادي ان رواتب منتسبي الجيش والامن تلامس خط الفقر.
والحقيقة ان مقالي المشار اليه لا يتحدث عن رواتب النشامى في اجهزتنا الامنية والعسكرية لا تصريحا ولا تلميحا ولا يتطرق اليها من قريب او بعيد.
لان ما اشرت اليه "سابقة وطنية" محترمة يعتد بها في ظرف صعب على الخزينة عام 2012 والمسألة لا تتعلق بالنفقات الجارية حيث الرواتب والعلاوات وباقي المخصصات للعاملين في كل قطاعات الجيش والامن والتي لا نسمح بان يمس منها فلسا واحدا.
ولأسباب مفهومة تتعلق بتعقيدات ظروف الخزينة العامة الان نتحدث عن التخفيض في المشاريع الرأسمالية وليس النفقات الجارية.
وثمة سابقة وطنية يعتد بها هي التي حفزت ذاكرتي فقد عدت الى بيان الدكتور الطراونة اطال الله في عمره بمجلس النواب عندما كان رئيسا للوزراء والرجل قال وانقل هنا حرفيا: "انقل اليكم ما ابلغني به رئيس هيئة الاركان المشتركة فقد تقرر إدراكا من الاخوة في المؤسسة العسكرية والقيادة العامة تخفيض 100 مليون دينار من المشاريع الانشائية دعما للخزينة العامة وبدون ان تمس جاهزية القوات المسلحة وان مدير المخابرات العامة والامن العام والدرك والدفاع المدني قرروا التخفيض من مشاريعهم بواقع 50 مليون دينار".
وتابع رئيس الوزراء آنذاك قائلا: "والحق اني كنت قد طلبت من جلالة الملك هذا التخفيض قبل يوم التصويت بالثقة بالحكومة لنرسل رسالة للجميع بصعوبة وضع الخزينة العامة".
ويبدو واضحا في هذه السابقة بان التخفيض المقصود من المشاريع الرأسمالية وليس النفقات الجارية وكنت اتمنى على صديقي الكاتب المحترم كما عودنا بالعادة الحرص على قراءة النص وتقليبه وحتى نقده بمضمونه المباشر.
ويعرف الاخ الكاتب باني وهو لسنا اكثر حرصا من جلالة الملك والنشامى ورفاق السلاح على المحافظة على الوطن خصوصا وان العسكري والامني الاردني يدافع عنا وعن الوطن بالدم والارواح والنجيع.
وبالضرورة يعلم صاحبنا الصبيحي بان "الامن الصحي" اليوم في ظل تحديات الفايروس اللعين جزء لا يتجزأ ولا يمكن فصله عن سياق الامن الوطني والقومي فالمنظومة في سلاسل الامن متشابكة جدا اليوم واعتقد بان قيادتنا ومؤسساتنا السيادية اول من يعرف ذلك ويعمل في التخطيط والاستراتيجيات على اساسه.
ويمكن لنا الاهتداء الى هذا السياق بإعادة قراءة خطاب التكليف الملكي السامي لحكومة الاخ الرئيس الدكتور بشر الخصاونة ويمكن ايضا الاستنارة بما يصدر عن قيادات الجيش والاجهزة الامنية حيث تحدي اليوم في خلايا الازمة وغرف العمليات بإيقاع فرضه قبل كل شيء الفايروس كورونا وتداعياته وحيث الامن الصحي في العالم هو الاولوية .
اما بالنسبة لهمة وطن فقد سبق لي ان صرحت بان المخرجات المادية ترقى الى مستوى فضيحة بامتياز وقد كان على الحكومة في حينها ان تظهر صرامة اكثر مع الذين تنطبق عليهم معايير الاخ الصبيحي من الذين " أكلوا الوطن لحما ورموه عظما " .
ولا يوجد من هو معصوم عن الخطأ في التقدير.
ولكن عند عودتي لبيان دولة الدكتور الطراونة وحيثيات المسألة تبينت بان دخل النشامى لن يتأثر ولو بمقدار فلس واحد لا بل جزء من اقتراحي باتجاه تعزيز دخول ورواتب وحقوق اولادنا العاملون في المؤسسات الامنية والعسكرية فهم جنود الاشتباك الاساسي مثل رفاقهم في الجيش الابيض بالقطاع الطبي والصحي ولهم علينا فضل لا ينكره الا جاحد والحرص على رواتبهم لا بل دعمها وتعزيزها جزء حيوي ايضا من المواجهة والامن الصحي الوطني .
وقد انهيت يا اخي الكاتب المقدر مقالتي السابقة بالإشارة الى افكار ومقترحات متعددة يمكن ان تصب في مصلحة الوطن والمواطن .