العاقل من اتعظ بغيره والجاهل من اتعظ بنفسه
د. صالح السعد
03-11-2020 03:39 PM
حكمة بليغة هادفةً العقلاء لحكمتهم، والمتجاهلين لتجاهلهم لعلهم يرشدون، وفي جميع أعمارهم وكافة مواقعهم، وحسبها إيجاز اللفظ، وجودة التعبير، وحسن التشبيه، وإصابة القصد والمعنى، واللبيب من الإشارة يفهم، أما مغزاها فيغدو جلياً في واقعنا الحالي إزاء المعاناة من جائحة كورونا محلياً وعالمياً، فالحل موجود في عقل ووجدان العقلاء الذين يتعظون من مصاب المتجاهلين ومعاناتهم، من خلال تطبيق قواعد وأصول السلامة العامة والتزامهم بها، وحصنوا أنفسهم من اتعاظهم مما يشاهدون من مآسي مصابين بكورونا عانوا ويعانون بسبب تجاهلهم - وليس جهلهم - أما المتجاهلون - وليس الجاهلون، لأن عدم الالتزام والانضباط ليس جهلاً في عصر التكنولوجيا وكافة وسائل التواصل الاجتماعي، إنه تجاهل لا بل أحياناً تجاهل مقصود وعن سابق إصرار واستهتار-.
تشكل هذه الحكمة مبدأ سلوكي في الحياة، وخارطة طريق يستهدي بها كل من يسعى لحماية نفسه ومجتمعه من العثرات والنجاة من المعاناة التي لحقت بغيره أمام ناظريه ومسامعه، فلا يعقل بأي منطق ديني أو قانوني أو أخلاقي أن نضرب عرض الحائط بكل النصائح والتوجيهات والتعليمات والأوامر الصحية، ونتجاهل الأخطار الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي تتربص بنا جملة وتفصيلاً، أمام عدو لدود لا نعرفه يبطش بالمجتمع الدولي ناميه ومتطورة على حد سواء.
الأولى بكل مواطن أن يكون حريصاً على نفسه وعدم إلحاق الأذى بغيره، من منطلق الحديث الشريف " لا ضرر ولا ضرار "، أي لا تضر ولا تكون سبباً بإلحاق الأذى والضرر بالآخرين، وإلا سيؤثم كما ورد بفتوى دائرة الإفتاء العام يوم أمس، علاوةً عن تطبيق النصوص الدينية والقانونية التي تنص على أن حرية الفرد ليست حرية مطلقة بل حرية مقيدة أمام حريات الآخرين، إذ أن الأصل " أن حرية الفرد تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين "، ومن هذا المنطلق الإنساني والديني والأخلاقي والقانوني يفترض في كل مواطن التعقل والاتعاظ بهذه المعاناة البشرية ، والالتزام التام بجميع وسائل السلامة العامة عند الخروج من بوابة منزله حيث تنتهي حريته أمام حرية مجتمع بأكمله ، فالعاقل من يتعظ بما يشاهده ويسمعه يومياً من معاناة شباب وشيبة وأطفال من إصابات كورونا ، والجاهل لابل المتجاهل من لا يرى إلا نفسه ، فيعجبه عمله بتجاهله وإثمه ووقوعه في الحمى.
"إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ" .