أكثر من مئة عام نطق بلفور بوعده المشؤوم ونطقت انكلترا بحكم الاعدام على الأمة الفلسطينية العربية .فأتت ببدعة في التاريخ لم تسبقها عليها أمة من قبلها .
في مثل هذه الايام نطقت انكلترا بفصل فلسطين عن شقيقاتها العربية الأخرى فكان عملها في ذلك الكمين بقطع الرأس عن الجسم ،في ذلك اليوم ارتكب الحلفاء اكبر جريمة عرفها التاريخ واساؤا الى مهد المسيحية وقبلة المسلمين الاؤلى .فبينما كانت جنود العرب تسفك الدماء في سبيل نصرة الحلفاء – وفي سبيل الخلاص للمبدأ ،وفي سبيل الشرف والاستقلال كانوا الحلفاء يحيكون في الظلام بشباك العبودية والظلم والذل والسوء لأهالي فلسطين فأجرموا بذلك الى شرف الانسانية والى كل مبدأ سام والى كل فصيلة في الارض والسماء .
نعم في هذا اليوم كتبت انكلترا كلمة الجلاء والموت على أهالي فلسطين وكتبت كلمة الحياة الى الشعب اليهودي المتمرد- الى شذاذ الأفاق من بولونيا وروسيا ورومانيا – الى ذلك الشعب الذي مر عليه اكثر من الفي عاماً هائماً على وجهه في كل أقطار المعمورة فجاءت انكلترا لتعيده الى ارض اجداده لا بقوة ساعده بل بقوة حرابها وجنودها واساطيلها .
إن فلسطين لن تنسى شهدائها اللذين صرعوا برصاص مصوب الى قلوبهم ولن تنسى شهدائها اللذين علقوا على أعمدة المشانق فلاقوا ربهم بوجوه ضاحكة مستبشرة ،وتلقى العالم أجمع دروساً في الخلود وتقديس البطولة الصادقة ولن ننسى فلذات الاكباد اللذين زجوا في أعماق السجون الرهيبة وخلفوا ورائهم أهلهم تحت رحمة الأقدار .
أننا نذكر اليوم بكل ما قاسته وما اشتملت عليه السنوات الغابرة من بؤس وتعاسة وتفيض مآقينا بالدموع الساخنة حزناً على وطن سليب الماً والتطلعات والضحايا الغالية، اننا نبكي الى اليوم شهدائنا وخسارتنا بهم.
لو لم يكن وعد بلفور وسياسته لما فتحت ابواب فلسطين الشهيدة لمهاجري اليهود ليستطونوا فيها وينافسوا أبنائهم بها .هذه هي جناية بلفور ووعده على هذا البلد الآمين وتلك هي الصفحة السوداء التي جعلت من أقدس الأماكن مهداً لأقبح الرذائل وهي التي كانت مهد الأنبياء والرسل والشهداء ومهبط سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .
أيتها الأمة : - الذكرى مؤلمة إن الحياة لم تبتسم في وجه الزمان ،ولمن يتحمل المصائب بقلب كبير وصدر رحب ،والأمة العربية والاسلامية في فلسطين قد تحملت من ضربات الزمان ما جعلها قوية نشيطة تنظر الى الامام والابتسامات لا تفارق فمها والرجاء لا يفارق الفؤاد .
ولن ننسى اليوم شهيد الأمة العربية والاسلامية المغفور له جلالة الملك عبد الله الاول في القدس وما زال الهاشميين بقدمون الى اليوم الغالي والنفيس من اجل فلسطين والمقدسات الاسلامية والمسيحية .
ويبقى وعد بلفور ذكرى أجبرنا عليه .