منذ فترة ليست بالقصيرة وتداعيات انتشار فايروس كورونا تنذر بمخاطر تفشي الوباء بما يفوق قدرة منظومتنا الصحية على إمكانية مواجهة الجائحة التي تنتشر كما النار في الهشيم وبخاصة أن الأردن بات من بين أعلى الدول في تسجيل عدد الإصابات ما يستدعي بحق دق ناقوس الخطر.
لم تعد الحكومة تملك ترف الوقت بعد أن وصل انتشار الوباء إلى هذا الحد غير الاعتيادي وأصبح خطره يتهدد حياة الآلاف من الأردنيين الذين ما زالوا يكظمون غيظهم بانتظار إجراء رسمي صارم يُسهم في تدني أعداد المصابين والوفيات وانقشاع هذه السحابة السوداء عن فضاء مملكتنا التي تتمدد رقعتها بلا هوادة.
لم تستثمر الحكومة فترات "الهدنة" التي استقر فيها الوضع الوبائي بما يمهد الاستعداد لمواجهة أي هجمة محتملة للفايروس وكان من الأولى بها أن تشد أساسات المستشفيات الميدانية في مختلف المحافظات المزودة بكافة التجهيزات ودعم الكوادر الطبية استعدادا لأي طارئ نعيش واقعه هذه الأيام، يتعاطى معه البعض على أنه قدر إلا أن واقع الحال يدلل على تقصير جلي وعقم في الإجراءات الحكومية عنوانها ارتباك الأداء المدعّم بتقاذف التصريحات الرسمية المتناقضة ما يؤكد عدم التنسيق الكافي بين مؤسسات الدولة المعنية.
الحكومة الآن أمام موقف صعب يتعذر معه الاكتفاء بإعلان عدد الإصابات والوفيات وعليها أن تتحمل كامل مسؤوليتها بدءا من العمل على توحيد خطابها الإعلامي الذي بات يشكل مصدر قلق إضافي مرورا بضرورة البحث في خيارات صعبة تبنى على أساس علمي قد يكون أبرزها إقرار حظر شامل على فترات لحين الوصول إلى معادلة تكفل فيها حماية حياة المواطنين وأن تحسم خياراتها سريعا بين الاقتصاد والصحة.
المنحنى الوبائي في تصاعد ملحوظ يفتح الطريق أمام صانع القرار في تغليب الجانب الصحي ويقدمه على أي جانب آخر وبعكس ذلك يعني تفشي الوباء لا قدر الله وإيقاف عجلة الحياة فلا نطول عنب الشام ولا بلح اليمن.
بداية الجائحة قدم الأردن حزما مالية لمن تقطعت بهم السبل من عمال مياومة وبعض الفئات جراء الإغلاق الأول رغم الحديث وقتها عن أرقام إصابات متواضعة والآن حين اقترب العدد من هامش ست آلاف إصابة ومرشح للزيادة في قادم الأيام يحتم على الحكومة بما لا يقبل الشك أن تبحث في خيار الحظر الشامل والبحث عن مصادر مالية لتعويض متضرري الحظر لا سيما وأن الأردن ما زال يتلقى المزيد من المساعدات المالية لمواجهة خطر الجائحة.