لا يستأثر احد بهذه الميزة مثل الامة العربية والشعوب النامية وما يعرف في قاموس الدلع الدولي بدول العالم الثالث ، فهذه الدول نامت ذات ليلة واستفاقت على وقع استعمار وصحت ذات ليلة مشابهة على وقع استقلال ، وما بينهما مسيرة طويلة من المعارك الداخلية والاتهامات بين قبائل الدول الاعضاء في جامعة الدول وتجمعات كونية تضيق او تكبر مثل احلام الصغار.
نصحو على وقع خلاف لا نعرف اسبابه وتشظيات كانت الى قبل ايام متماسكة نغني لها ولاجلها ونكتب اجمل الاشعار ، وتزورنا الوفود ونرسل الورود ونمضي في الاغنية الى اخر نغمة او آه ، قبل ان تعود ايادينا الى لونها الطبيعي من كثرة التصفيق نكون قد انتجنا بيانا يدحض ما قالته الاغنية وما صفقنا لاجله طويلا.
نعلن فوزنا في منتصف مسيرة الانتخابات ونبدأ حشد خطابات التهنئة للسيد المبجل الذي حظي بثقة الشارع ، وقبل ان يجف حبر التهنئة او يمسح ما علق بوجهه من اثار قبل الفوز نعلن تزوير الانتخابات لان النتائج خالفت اهواءنا فما زلنا اسرى التسعات الاربع "99,99" ولا نقبل غيرها بديلا ، واذا ما تضاربت النتائج ، تتضارب تصريحاتنا وكل صيغ بياناتنا.
وطوال مسيرة التضارب ثمة من توقع وحذّر ونشف حلقه من كثرة التحذير والتحليل ولم يسمعه احد رغم اننا نتابع ونسمع كل نشرة اخبار واصابعنا "دوحست" من كثرة تقليب القنوات وادوات البحث الالكترونية ، بل ان كثيرا منهم يتجرأ على الحقيقة ويعلن انه استشرف كل ذلك في احاديث سابقة ولم نسمع له صوت.
نغني لكل شيء للزرع وللقطاف وللمطر ، ونغني للبدو وللارياف وللحضر ، ونكتشف ان احواض المياه كلها "النيل والفرات واليرموك" يسيطر عليها غيرنا ، ونحتار بين جذرنا الانساني فكلنا ابناء مدن تارة ولاحقا كلنا فلاحون واذا ما ادلهم الخطب فنحن اهل الغارة بحكم جذرنا البدوي ، وجزرنا مستورد والموز صومالي بامتياز رغم انه من الفلبين والقمح من امريكا والافوكادو الذي لا اعرفه حتى هذه اللحظة.
ومع ذلك ، لدينا في كل الاقطار العربية والنامية وزارة للزراعة ووزارة للمياه واخرى للشؤون البلدية والقروية او التنمية والتخطيط ، ومع ذلك لا يوجد تخطيط من المحيط الى الخليج ، فتغرق الشوارع في المطر حتى في الدول الثرية ونشكو قلة الماء في الصيف ونعلن قلة السدود اذا ما جاء المطر.
لدينا خبراء نطرحهم لقيادة مؤسسات دولية في مختلف المجالات من النووي الى اخر السلم العلمي ولدينا علماء يحصدون نوبل بغير جذورهم ولدينا محللون استراتيجيون ومفكرون كبار وعباقرة لم تلد الارحام مثلهم ولدينا كل ما يكفي لغزو الكون من تاريخ تليد الى حاضر مشرق ومستقبل فاتح ذراعيه ومع ذلك ننام على قهر ونصحو على قهر وضياع عاصمة جديدة.
هل سمعتم تصريحات نتنياهو الاخيرة ومرافعة كلينتون ، امام منظمة ايباك؟.
الدستور