حزب الكنبة هو حزب غير معلن عن تأسيسه وغير منظم رسمياً ودون رئيس لكنه يجمع عدد كبير من المواطنين الحاليين في بيوتهم والجالسين على الكنبة ويوجّهون سيلاً من ردود الأفعال من التنظير والإنتقادات والمداخلات لكل الناس وعلى نظرية 'أبو العُرّيف'؛ فهذا الحزب عريض وفعّال وفردي ولا تنسيق بين المنتمين إليه لكن هنالك قواسم مشتركة تجمعهم بدءاً من اللامسؤولية ومروراً بالتنظير ووصولاً إلى إذكاء الحقوق قبل الواجبات؛ فهم الأغلبية الصامتة من الناس الذين يجلسون أمام التلفاز وعلى أرائكهم من العازفين عن الإنتخابات لأسباب كثيرة:
١. حزب الكنبة يمثل الأغلبية الصامتة التي تعزف عن السياسة بأشكالها كافة سواء الإنخراط بالعملية الحزبية أو المشاركة في الإنتخابات من خلال إطلاق سيل من الإشاعات والتنظير وغير ذلك؛ وهذا النوع من الناس لا يمثل المواطنين المنتمين بمواطنتهم لأن الأصل بالمواطنة المواءمة بين مسألتي الحقوق والواجبات.
٢. حزب الكنبة يراقب من على شاشات التلفاز الأخبار ساعة بساعة لغايات المعرفة والثقافة العامة ومناقشة ذوي الإختصاص؛ وبالتالي هم مثقفون وجزء منهم لديه أجندة سياسية لكنهم لم ولن يشاركوا في العملية الإنتخابية لأسباب عديدة.
٣. أعضاء حزب الكنبة من شتّى الفئات من الشباب والكهول والمرأة والمتعلمون وغير المتعلمين والمثقفون وغير المثقفين وربات البيوت والعمال وغيرهم من مختلف فئات وقطاعات المجتمع؛ لكن يجمعهم شيء واحد هو إهتمامهم بالسياسة بيد أن مشاركتهم معدومة سواء في الإنتخابات أو البرامجية أو أي نشاط سياسي آخر على الأرض.
٤. حزب الكنبة منتشر في كل دول العالم وهو الأشهر في أمريكا ومصر وغيرها؛ حيث مثلاً عزف نحو 90 مليون ناخب وناخبة أمريكيين من أصل 206 مليون أمريكي لهم حق التصويت عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر 2012 والتي انتخب فيها باراك أوباما رئيساً لأمريكا لولاية ثانية.
٥. أعضاء حزب الكنبة يتجاهلون كل الإستغاثات والنداءات للمشاركة سواء في الأحزاب أو العملية السياسية أو الإنتخابات؛ فهؤلاء يفضلون البقاء في بيوتهم دونما مشاركة بشيء ولا تحرّكهم مواطنتهم البتة؛ فهم منتقدون دائمون لأي عمل حكومي؛ وليس لهم أيدولوجية أو موقف ثابت وليس لهم رأس فكلهم رؤوس وكل فيهم يغنّي على ليلاه.
٦. بالطبع أعضاء حزب الكنبة يعزفون أحياناً على سلبيات ومثبطات بشأن عدم المشاركة فمثلاً سيأخذوا من جائحة كورونا ذريعة لعدم المشاركة في الإنتخابات ليبقوا جالسين على الكنبة ومرتاحين؛ وأحياناً يعزفون على أوتار أخرى كالعدالة والفساد والبطالة والتعليم عن بُعد والهم العام وغيرها.
٧. السؤال المهم هو كيف يتم تحريك هؤلاء للمشاركة في العمل السياسي وذروة سنامه في العملية الإنتخابية والتوجه لصناديق الإقتراع للإنتخابات النيابية؟ بالطبع هذا الأمر ليس بالسهل وخصوصاً أن الطبع غلب التطبّع! فالأمر يحتاج لإستراتيجيات واقعية ومنهج حياة جديد للتعامل معهم لتغيير حياة جيل بأكمله؛ ونحتاج لمواجهة التحديات والأوتار التي يعزفون عليها لإرضاء فضولهم وتطلعاتهم وحل مشاكلهم وهمومهم.
٨. نحتاج لتحويل رؤى حزب الكنبة من التنظير للمشاركة والعمل؛ ونحتاج لإقناعهم بأن المواطنة دون مشاركة منقوصة؛ ونحتاج لدرء خطر المقاطعة والعزوف للإنتخابات؛ ونحتاج للتأكيد على حق وواجب الإنتخابات؛ ونحتاج لوسائل عملية لإنخراط هؤلاء مجتمعياً مع الناس؛ ونحتاج للكثير.
بصراحة: جماعة حزب الكنبة بإضطراد؛ فهم الأغلبية التي تحتاج لتحريكها أدوات غيرها؛ ومفروض تحريك مكامن هؤلاء لغايات المشاركة السياسية وغيرها؛ ونتطلع لمزيد من المشاركة في الإنتخابات النيابية؛ لكن بنفس الوقت نحتاج للعمل على حل المشاكل والتحديات التي يعانوا منها.
صباح الوطن الجميل