أبوغزالة يقول: قبل وبعد كل ذلك "المحبة"
د. مشيرة عنيزات
01-11-2020 01:50 PM
تعد المحبة الخالصة أوركسترا وسيمفونية بديعة لا يتقن عزفها إلا عباقرة الحب، ومن هم متخصصون في ضبط أوتار التسامح والوئام، يضبطون المحبة بحنكة واتزان ورقي، ويبتعدون عن معترك الكراهية والضجيج، ليصبحوا أساتذة يتتلمذ على أيديهم عاشقو السلام فيعبرون إلى الأرواح بسكينة وطمأنينة ويزرعون الضحك في القلوب.
ولا شك أن هناك فرقا كبيرا بين الضحكة والابتسامة، فالضحكة تخرج من القلب وتجبر تعابير الوجه على البوح بالفرح والمحبة، أما الابتسامة فمعظمها مصطنعة تظهر في ملامح الوجه تعابير زائفة قد تخفي خلفها كراهية، فالضحكة أشد وقعًا في قلب المتلقي وتشعره بالمحبة الصادقة، فلا يوجد في هذا الكون قوة "كقوة المحبة"، فهي سلاح حاد، أمضى من سلاح الكراهية والظلم، فهي ما يسقط حصون البغض ويطلق حمائم الخير والسلام، فلا يمكن للكراهية أن تنتصر وأجنحة المحبة ترفرف مشهرة العطاء والمحبة.
يقول طلال أبوغزالة: المحبّة هي السلاح الأقوى في الدنيا، المحبّة معدية أكثر من كل الأمراض. وعدوى المحبة تنعكس لصالح المُحب، المُحبّ يشعر براحة، ومن يمارس الكراهية يقاس من مشاعرها. إذا أردت أن تكون محبوباً كن محباً. تذكر أنه أن تكون محبوباً خير من أن تكون مهمًا.
ويلتقي قول طلال أبوغزالة مع الأبيات التي وضعها الشاعر "جاسم الصحيح" على غلاف ديوانه الشعري (تضاريس الهذيان)، عندما تغنى بالمحبة قائلا " كلما زاد عاشق قل طاغ... فاعشقيني لكيْ يقلَّ الطغاة"".
فالراحة التي يتحدث عنها كلا من طلال أبوغزالة والشاعر جاسم الصحيح هي راحة المحبة والتخلص من الكراهية والجبروت والتي يقاسي منها الطاغي، فمن يرد أن يكون محبوبًا يجب أن يكون محبًا لأن المحبة هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى النقاء والصفاء.
إن الكراهية والعنصرية تسقط دولًا وأوطانًا وتقودها للفوضى والإرهاب حتى تتهاوى بدعوى الطائفية والاختلاف، لذلك وجب علينا أن نفرق بين من يغرد للمحبة في خطاباته، ويحاربها في أفعاله وتصرفاته وبين من يعدها نهجًا في حياته، ويثبتها في تصرفاته وأفعاله، ويقاسمها في أفكاره مع من يحب، فعندما يشرع الناس سلاح المحبة سيموت الساسة جوعًا لأنهم يقتاتون على خلافات الشعوب وأحقادهم. فلنتركهم يموتون جوعًا، ونحلق بالمحبة والسلام.