لم يخف جلالة الملك درجة البرودة في العلاقات مع اسرائيل بسبب سياسات رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الذي يصر على وأد السلام المفترض عبر الاستمرار في سياسة الاستيطان والتغييرات في مدينة القدس ، وتاريخيا لم تكن العلاقات بين الاردن وشخص نتنياهو علاقات ودية بل على العكس فقد اتسمت بالعداء وعدم الثقة، ففي عهد الملك الراحل الحسين بن طلال خرق نتنياهو اتفاقية السلام من خلال اتخاذه قرارا بتصفية خالد مشعل فوق الارض الاردنية خلافا للمادة الرابعة الفقرة الثالثة ( أ) من اتفاقية السلام.
وفي عهد الملك عبد الله الثاني يمارس نتنياهو سياسية تهويد للقدس وبخاصة المقدسات الاسلامية ويعمل على تغيير واقعها الديمغرافي والجغرافي خلافا للمادة التاسعة في اتفاقية السلام وبخاصة الفقرة الثانية فيها والتي يقول نصها « وبهذا الخصوص وبما يتماشى مع اعلان واشنطن تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الاردنية الهاشمية في الاماكن المقدسة في القدس وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل اولوية كبرى للدور الاردني التاريخي في هذه الاماكن.انتهى النص .
وبهذا الارث مع نتنياهو ومع هذا الواقع فان حكومة الليكود تشكل خطرا على الاردن من خلال قتل الفرص المتاحة لاقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وهو الهدف الذي يشكل مصلحة وطنية اردنية عليا وبالتالي فان المواجهة مع حكومة نتنياهو ستأخذ ابعادا جديدة ربما تقود العلاقات الاردنية – الاسرائيلية الى ما هو اقل من درجة البرودة ، وهو ما يحتم علينا الاستعداد للمرحلة القادمة من العلاقات مع نتنياهو ومن أبرز الخيارات الممكنة في ظل معاهدة السلام هو ما يلي : اولا : الانفتاح بصورة اكبر على قوى السلام الاسرائيلية والقوى اليسارية من اجل دعمها سياسيا من خلال القدر الكبير من المصداقية التى يحظى بها الاردن كدولة تحترم السلام وتحافظ عليه فالبرود الحاصل مع حكومة نتنياهو يجب ان ترافقه سخونة واضحة مع هذه القوى لاعادة تقوية دورها الذي فقد في عهد العمليات الانتحارية الحمساوية وشارون وهو الدور الذي يشكل كابحا لليمين الاسرائيلي وداعما للحقوق الفلسطينية .
ثانيا : علاوة على ما نملكه من حقنا في ممارسة الوسائل الدبلوماسية والسياسية الضاغطة على الحكومة الاسرائيلية كرسائل الاحتجاج واستدعاء سفيرنا في تل ابيب وغيرها من الوسائل المتعارف عليها فاننا نملك الحق ايضا في التقدم بشكوى لمجلس الامن والامين العام للامم المتحدة ضد اسرائيل لمخالفتها نص اتفاقية السلام ، او تفعيل البند التاسع والعشرين في الاتفاقية والمعنون تحت بند « حل النزاعات « لقد سبق ان طلبت اسرائيل من الاردن الالتزام بالمادة الرابعة من الاتفاقية تحت بند « الامن « وبخاصة الفقرة الخامسة والتى كان المقصود فيها تواجد قياديي حماس في الاردن عام 1999 واكد الاردن التزامه بالنص وهو ما يعطيه الحق للطلب من اسرائيل التزاما مماثلا وان في بنود اخرى من الاتفاقية.
ثالثا : من المفترض ان نقود كأردن داخل الجامعة العربية توجها للبدء بحملة علاقات عامة في الولايات المتحدة من خلال لجنة عربية تكون مهمتها كشف الابعاد التدميرية لسياسات نتنياهو على صعيد السلام في المنطقة والعلاقات مع يهود اميركا بخاصة ومع الولايات المتحدة بعامة.
رابعا : تكثيف الاتصال مع الاتحاد الاوروبي للتضييق على حكومة نتنياهو مستثمرين الاستياء الاوروبي العام من السياسات الاسرائيلية وبخاصة ما يتعلق بالقدس والاستيطان وكذلك « العربدة « الأمنية التي اظهرتها عملية اغتيال المبحوح والاستباحة الاسرائيلية لسيادة عدد من الدول الاوروبية واستراليا باستخدام جوازات سفرها في جريمة دولية منظمة.
علينا محاصرة نتنياهو وليس انقاذه من خلال سحب مبادرة السلام العربية كما يدعو البعض فالحروب السياسية قد تكون اكثر ضراوة من الحروب العسكرية.
rajatalab@hotmail.com
الراي