الجهات الأمنية والصحية .. صمام أماننا
نيفين عبد الهادي
01-11-2020 12:02 AM
للعطاء أوجه مختلفة، وقد نرى من أنفسنا جميعا اننا نعمل ونعطي، ونواجه الصعوبات، لكن دون أدنى شكّ وللعدالة، يجب أن لا نضع ما نقدّمه تحديدا في مواجهة وجائحة كورونا، مع مواجهة جهات أخرى تقوم بأدوار نضالية لهذه المواجهة، يقدّمون بها أرواحهم وأجسادهم لتحقيق الأمن الصحي والإجتماعي والإقتصادي للجميع، متناسين بحرفيّة المعنى حياتهم وأسرهم وعالمهم مقابل أن يعيش غيرهم بسلام.
الجهات الأمنية وخلية الأزمات والكوادر الطبية، لا نجد كلمات تصف دوركم، ومعاني تفيكم حقّكم لما قدمتموه وتقدموه منذ بدء ازمة كورونا حتى الآن، وحتى في قادم الأيام، فأنتم من توقفت ساعاتكم عند ساعة الصفر في إعلان بدء الجائحة، لتستمروا بذات الدرب مواجهين مناضلين محاربين عدوا لم يعرف له أحد حتى اللحظة شكلا للمواجهة، فقضوا أيامهم وأشهرهم التي قاربت لأن تتم حدود السنة، وهم متمترسين خلف سدود الحماية للوطن والمواطن.
خلال الساعات الماضية، حزن الوطن ورفع راية سوداء حدادا من قلوبنا وعقولنا على مجموعة من الأطباء الذين دون ادنى شك نعرفهم جميعا، فهم من أعلام المشهد الصحي الوطني، قضوا في مواجهتهم لهذا الوباء، مناضلين بحبّ وعطاء ووطنية في ساحة حرب معنوية قبل أن تكون صحية، لم يأبهوا بأنفسهم وأرواحهم بقوا إلى جانب مرضاهم لينال منهم الفيروس، ويصابوا بالعدوى، ويتوفوا تاركين رائحة المسك تعطّر سيرتهم، ودرب مواجهتهم للجائحة.
هذه الجهود التي تبذل من هذه الأجهزة كافة، وفي مقدمتها جهازا الأمن والصحة، لا يمكن مقارنتها بأي جهود تبذل في مواجهة الجائحة، فما يقدموه جنود هذه الأجهزة لا يشبه سوى قلوبهم ووطنيتهم، هم من يستحقون أن نلتزم من أجلهم، وحتى لا تضيع جهودهم ورسالتهم قي غياب النيسان والإهمال، ففي التزامنا أكبر رسالة شكر وثناء لمن قدّموا ويقدمون أرواحهم وأجسادهم وحياتهم لمواجهة الفيروس، وحماية الناس منه.
الزيادة في اعداد الإصابات باتت مقلقة، وربما الأكثر إيلاما، أن عدد الوفيات في زيادة أيضا، وهذا الجانب في أسرتنا الأردنية الواحدة مؤلم لكل بيت وكل أسرة، ويوجع قلوبنا جميعا، في تحويل هذه الأزمة إلى أسماء إن لم نعرفها نعرف أحدا من أقربائها، فباتت الجائحة تنال من قلوبنا جيمعا وتملؤها ألما ووجعا على من بات الوطن يفقدهم، هم ليسوا فقط شهداء الواجب، إنما شهداء العطاء ومواجهة عدو عالمي شهداء الحبّ دون مقابل للوطن والمواطنين.
ربما قصّرنا معهم، لكن ما نؤكده لكل من أصيب بفيروس كورونا نتيجة مواجهته له، وكل من توفي من الكوارد الطبية رحمهم الله، لقد كبرتم فأنتم عمالقة المرحلة والمشهد، وعملينا صغر، ضعفا في تقديم ولو النزر اليسير مقابل ما قدمتم وتقدمون، حبّكم وعطاؤكم للوطن علا بإثاركم، تعملون بصمت وتقدمون الأغلى بصمت ونحن لا نملك اليوم إلاّ أن نحني أعناقنا أمام عظمة رسالتكم.
جميعنا يحاصرنا واقع لا نجيد قراءته، كما العالم، لكنكم كنتم الأقدر بحبّكم المختلف للوطن والمواطن، على التعامل مع هذا الواقع بطلاسمه التي حيّرت كبرى دول العالم وأعظمها بالامكانيات الاقتصادية والصحية، ولم تجدوا في مواجهتهم أي شيء غال، حتى قدّمتم حياتكم فداء للسلامة العامة، وللأمن الصحي وحتى النفسي للجميع.
في الكلام اليوم نحن نجرح المعنى الحقيقي لحجم التضحية التي تقوم بها الجهات الأمنية والصحية، وهذا يجعلنا نقف وقفة وطنية واحدة بالتأكيد على أهمية الإلتزام الذي يقود للوقاية ومن ثم التخفيف على هذه الكوادر من تبعات هذه الجائحة، القادم يجب أن لا يدوّن بالحروف والكلمات، يجب أن يدوّن بأعمالنا التي تركز على الالتزام حتى نحمي أنفسنا ومن حولنا ومجتمعنا، ونخفف على كوادر تعمل منذ قرابة العام دون راحة وبحجم عطاء خارق.
الدستور