ما يجري في بلدنا من تفاصيل بكل أسف يدعو إلى التندر في مواجهة بعض القرارات الحكومية، ومن الصعوبة بمكان أن تجد إجابات شافية إلاّ لمن يملك الموهبة على قراءة كف الحكومة، ففي الوقت الذي تتباكى فيه الحكومة على أحوال المواطنين وتدعوهم إلى أخذ الحيطة والحذر من خطر تفشي الوباء والتزام سبل الوقاية نجدها وتقديرا منها في هذا الظرف الاستثنائي تخفض سعر البنزين "تعريفة"، وبأسف أكبر يتصدر هذا النبأ نشرات بعض الأخبار الرئيسة على أنه انتصار من جانب الحكومة ومؤسساتها لشعبها على هذا المنجز!
ثمة صورة ضبابية تعتري عدسة الحكومة تحد من رؤية الأشياء على طبيعتها وهي تتخذ قرارا بهذا "الحجم"، يحار المرء بكيفية شكر سلطتنا التنفيذية التي ما فتئت تترجم أقوالها إلى أفعال عبر هذه القرارات المقدرة والكبيرة التي تعكس ما يكتنز بداخل الحكومة من مشاعر جياشة تجاه مواطنيها!!
بات جليا احتكام حكومتنا إلى الشفافية انتقائيا، إذ إنها دون غيرها وفي ملف كورونا تحديدا تقدم الوصف الدقيق حيال عدد الوفيات والإصابات بالفايروس ونجدها مكبلة اليدين وعاجزة عن إعطاء ذات القيمة بشفافيتها في معادلة تسعير المشتقات النفطية التي تفتقر إلى الآلية الواضحة أثناء احتسابها لتقنع فيها دافعي الضريبة بصوابية نهجها وعدالة موقفها لتغلق الباب على كل من يشكك بإجراءاتها.
وعود على بدء وحتى لا نخرج عن مضمون خفض "التعريفة"، نتساءل عن دور الفريق الاقتصادي في الحكومة الذي يبارك قرارا جسورا من هذا النوع ولدي من القناعة ما يكفي أنه قوبل من المواطن بالاستهجان الممزوج بالغضب والحسرة على الحال الذي آلت إليه حكوماتنا التي في ما يبدو تفتقر إلى ترتيب أولوياتها وعدم المقدرة على صياغة خطة اقتصادية محكمة واضحة المعالم يحكمها واقعية التنفيذ لا أن تكون مجرد حبر لا يساوي قيمة ما كتب عليه.
من المعلوم وفقا للبيانات الصادرة أن قيمة الفاتورة النفطية حتى النصف الأول من العام الحالي بلغت نحو 640 مليون دينار في الوقت الذي لامست فيه حاجز 1.1 مليار دينار لنفس الفترة من العام الماضي لتكشف البيانات مدى تراجع الكلف المالية الناجمة عن تداعيات جائحة كورونا وتأثيرها المباشر على قطاع النقل.
ما من شك أن جائحة كورونا غيرت وجه العالم الاقتصادي وقلبت العديد من المفاهيم والقيم التي سادت ما قبلها وحكوماتنا لا زالت مصرة على السير بنفس النهج وذات الخطى والاكتفاء بدور الناصح والمرشد دون أي تضحية من جانبها.