برلمان 2020 .. تكرار ام تجديد؟
د. عدنان سعد الزعبي
31-10-2020 05:46 PM
من الطبيعي ان يكون سؤالنا الدائم ومع قرب موعد الانتخابات البرلمانية، هل الدولة الارنية العميقة تنوي تجديد الادوات البرلمانية، ومنح التغيير والاصلاح فرصة لمواجهة التحديات الوطنية المتفاقمة؟، وهل نحن على مشهد جديد نجرب فيه توليفة برلمانية خارجة عن اطار المألوف، او نستعيد بها ثقة الناس والدور الدستوري الحقيقي لمجلس النواب، خاصة ونحن نرى نموا واضحا في عملية اقبال الناس على الترشح وزيادة في نسب الحزبيين ومشاركة متفائلة جدا للمرأة؟
رغم كلاسيكية الطرح التي يتناولها غالبية النواب وطرح شعارات شعبوية هدفها الوصول للقبة، واحقية كل شخص الوصول لها ضمن قواعد القانون الا اننا يجب ان نعترف ان واقع البناء الاجتماعي وصور التنافس العشائري، وظروف الناس الاقتصادية تؤطر هذه الانتخابات بنمط شبه واضح يقوم على عودة شاكلة المجلس السابق وخاصة وان 60% من اعضائه مترشحون لهذه الانتخابات ويمثلون 20% من عدد المتقدمين للانتخابات اضافة لـ 15% من الذين يعيدون التجربة ولم يحالفهم الحظ في دورات سابقة.
الدولة الاردنية تحتاج وفي مثل هذه الظروف لعملية قلب مفتوح تجدد فيه شريانات الدم وتقوي اعصاب واركان الدولة لمواجهة ملفات طالما اثقلت الوطن والمواطن، وارهقت مجاديف السيرة العطرة التي طالما وان مضينا بها في سلوكياتنا الداخلية والاقليمية والدولية.
فالمواطن يعاني من الارهاق والتعكر الفكري المحلي والاقليمي، وحالة شبه الانعزال التي نعيشها جراء الواقع الصحي والسياسي الاقليمي والعالمي، والتي فرضت علينا ما لا نستطيع تحمل المزيد او نقبل المزيد! آن الاوان ان نرمق حالنا وأن ننظر للنفس والتقييم والاعتماد على الذات وبناء الاستراتيجيات التي اساسها وهدفها البعيد هي الداخل بانسانه وموارده وتاريخه وابداعاته. دون الارتكاز على الاخرين، فقد ادميت القلوب والعقول واصاب العين الرمد من تبعات ما عانيناه لنجد انفسنا وكأننا نسبح في الهواء.
نحن بأمس الحاجة الى حقنة انعاش وانقاذ واعادة تنشيط والى صدمة تعيدنا من غيبوبة ركوب الموجات والتسلق للسماء. صدمة صحية تعيدنا الى حقيقة واقعنا وظروفنا ومستقبل ابنائنا. فالقفز فوق المنطق والواقع الذي يخذلنا كل يوم يحتم علينا ان ننتبه لذاتنا ونعيد ترتيب اوراقنا ونختار مسار السباق الذي يخصنا ويتلاءم مع تطلعنا علنا نصل الى نهايته وقد حققنا لابنائنا ما نتمنى لهم او جزء منه.
مجلس النواب حلقة هامة من دعامات الحاضر والمستقبل ووصول النواب الذين يدركون ان الانطلاق بالوطن لا يتم الا بالصدق والعمل الوطني وبناء ذاتية الدولة والتركيز على اولويات الناس وتطلعهم، ومعايشتهم الدائمة والقرب منهم، والتعبير عن همومهم وتطلعاتهم، والسعي لمواجهة تحدياتهم بروح الفريق الواحد والتكامل مع السلطات الاخرى في تناغم يحفظ دور ومسؤولية كل منها بعيدا عن التداخل او الهيمنة او الالغاء.
نحن لا نريد منظرين على الهواء ولا نريد اصحاب شعارات غير منطقية ولا انتماءات كسرها الزمن وكشفها، بل نريد نواب وطن، نواب يمثلون بصدق شعبهم وينبضون بهمه ونظرته.
الحكومة العميقة بحاجة الى وقفة تقييم ومراقبة والدفع باتجاه نماذج تحبها الناس وترضى بها وبنفس الوقت التنويع على مستوى الايدولوجيا والنوع الاجتماعي خاصة وان خارطة الترشح تبعث على التفاؤل وان قوائم حزبية او لنقل مرشحين حزبيين يمثلون 27% من المترشحين ويعكسون مشاركة 84% من الاحزاب في المملكة. كذلك فانطلاقة المرأة تبعث ايضا على التفاؤل ونحن نشهد قفزة في اعداد المترشحات بنسبة نمو زادت عن 24%. هذه نسبة مهمة اذا علمنا ان نسبة الاناث اللاتي يحق لهن التصويت تزيد عن 52% من مجموع الناخبين والناخبات في المملكة.
زيادة نسبة المترشحين بنسبة 35% عن مثيلاتهم في الانتخابات السابقة وبواقع زيادة 24% في القوائم يؤكد حالة التغيير التي يقصدها الاردنيون والبدء بالخروج من مذهب منطق الحصر الانتخابي بشخوص او فئة معينة في العرف الاجتماعي, والبحث عن التمثيل الحقيقي لشرائح الناس. فهل نعيد الصورة وبالوان مكررة او نزهي روح وعقل المواطن بالوان زاهية تفاؤلية تعيدنا الى عصر النهضة وترسم لوحة الوطن بروح التفاؤل.