حماية كوادرنا الطبية من "كورونا" مسؤولية من؟
فيصل تايه
31-10-2020 09:12 AM
وهم في مهامهم الرسمية الانسانية وفي ظروف وبائية استثناثية تزداد تعقيدا كل يوم ، وفي اطلالة نهار ملئ بالعمل ، ارتقت ارواحهم الزكية التي اشتاقت إلى حياة تنبعث كل لحظة من نبض شهيد وعزم إنسان أدمى الحياة عملاً وتحدياً وصموداً ، فعلى أرض الوطن وتحت سمائه اضافوا ومضاً من ذات النور الذي أضاء حياتهم بمن سبقوهم من شهداء الواجب والانسانية ، ليستبشر الصاعدون النعيم لوفائهم لذُرى الوطن مع كل شاهدٍ وشهيدا .
اطباء نشامى تسلحوا بالإيمان والشجاعة التي لا تهاب الخطر ، فقدموا اراوحهم من اجل غيرهم ليشع نور يضيء للناس سبيلاً للصحة والامان والحياة ، فكان شعوراً في النفس ووهج في الروح ينساب بين الحنايا عاطفة جيّاشة وصلابة الموقف وقوّة الإيمان .
انهم ثلة من شهداء العمل والواجب والانسانية ، ارتقوا الى العلى ولم بتناهوا لحظة في اداء واجبهم المهني ، فنعتهم نقابتهم "نقابة الأطباء الاردنيين" بمزيد من الحزن والاسى ، فقد توفاهم الله وارواحهم معلقة بواجبهم الإنساني والوطني ، رحلوا ونحن في اشد الحاجة اليهم ، هم من الابطال الحقيقيين في مواجهة هذه الجائحة ، وهم دائما في صفوف المواجهة ، ولما يتأخروا عن أداء مهامهم بالرغم من المخاطر التي تهدد حياتهم .
ان فقدنا لخيرة من كوادرنا الطبيه الكفوءه مؤشر على خوضنا معركة غير متكافئة مع فيروس "كورونا" المشؤوم
فقد كنا نتحدث باستمرار عن كفاءة نظامنا الصحي في المراحل المبكرة لانتشاره ، وكانت الكوادر الطبية تشكل نموذجاً للعالم بنجاحاتها ، لكننا وفجأة فقدنا السيطرة وتفشى الوباء بشكل متصاعد ، ومع الارتفاع في حالات الإصابة وازدياد اعداد الوفايات بين الأطباء وأعضاء الطواقم الطبية المختلفة نتيجة الإصابة بفيروس كورونا ، ذلك يوصلنا الى منحنى خطير يهدد منظومتنا الصحية ، ما يتطلب اتخاذ أقصى إجراءات الحماية وأعلى معايير مكافحة العدوى في المستشفيات ، فنحن اليوم ومع الانتشار الواسع لفيروس كورونا بالتوازي مع الحالة الوبائية العامة والنقص في الكوادر الطبية فان المريض والممرض والطبيب وعائلاتهم يوضعون في مواجهة مباشرة مع الاصابه .
اننا نعي حجم المسؤولية التي تتحملها الكوادر الطبية خط الدفاع الاول في مواجهة الوباء ، ما يتطلب إيلاءهم كل الاهتمام والرعاية التي تضمن لهم حماية أنفسهم وأسرهم من مخاطر العدوى بالفيروس ، وذلك من خلال ضرورة التزامهم بالإجراءات والتدابير الوقائية التي تحقق هذا الهدف ، بل ويجب ضرورة تنفيذ الاحتياطات المعيارية الأساسية مع المخالطين ومع المرضى ، تلك الاحتياطات التي من الواجب اتباعها عند العناية بالمرضى في المنشآت الصحية للحد من انتقال العدوى ، على أن تكون هذه الاحتياطات جزءًا من الممارسات المتَّبعة مع كل المرضى في كل المستويات، بصرف النظر عما إذا كانوا مصابين أم لا ، لكن حجم التحدي الذي يواجهه العاملون في مجال الرعاية الصحية كبير جدا رغم كل الإجراءات ، ورغم العديد من الإرشادات التي يتم تطبيقها على مستوى الدولة لوقاية الكوادر الطبية من الإصابة ، ومنها إرشادات تتعلق بالاستخدام المناسب والمنطقي لمعدات الحماية الشخصية، لكن هذه الفترة تعتبر من الفترات الصعبة لكل العاملين في القطاع الصحي وفيها الكثير من التحديات والتوتر ، ولكنهم ملتزمون بواجباتهم تجاه المرضى والمجتمع والوطن .
إن الإصابة بكورونا ليست من اختيار المريض ، والخوف من الإصابة لم يثني كوادرنا الطبية والتمريضية عن أداء الواجب ، لذلك فان احتمالية انتقال العدوى لهم أثناء العمل تبقى أمرا واردا بدرجة عالية رغم التزامهم بإجراءات الوقاية ، فهم على تماس مباشر مع الحالات المصابة أو المشتبه بإصابتها ، ويبقى العامل النفسي له الدور والاثر الكبير ، لذلك فان اصابة العديد من الكوادر الطبية وضعتها بتجربة اكتشفت من خلالها صعوبة العمل من جهة وقدسيته من جهة أخرى ، فهم يعون تماماً الدور الإنساني والوطني المطلوب منهم في التصدي لفيروس كورونا ، ويعملون بكل إخلاص لترجمة ذلك في مختلف الظروف ، واستمروا بالعمل في مؤسساتهم الصحية بظروف استثنائية مقدمين أنموذجاً بالتضحية ، فالظروف التي فرضها وباء كورونا تطلبت من الكوادر الصحية بذل مزيد من الجهود رغم ما يحمله هذا العمل من مخاطر على حياتهم وحياة أسرهم ، فقد كانوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم وعملوا بكل أمانة لتأدية الدور بكل تفان وإخلاص لضمان الأمن الصحي ، ومهما يكن من امر فهم يتابعون عملهم وأداء واجباتهم في كل الظروف والاحوال وبكل همة ومسؤولية .
أن العاملين من كوارد الرعاية الصحية في الصفوف الأمامية لمجابهة فيروس "كوفيد - ١٩" تحملوا واجبهم المهني والأخلاقي وخيروا صحة أفراد المجتمع ومرضاهم على مصلحتهم الشخصية ، حيث ما زالوا يقدمون أروع الأمثلة وأفضل خدمات الرعاية الطبية الممكنة للمصابين بالفيروس ، لذلك فان إصابة الكوادر الطبية بفيروس كورونا جزء من التضحيات التي يقدمها أي طبيب أو ممرض أثناء تأدية مهمته الإنسانية في إنقاذ حياة المرضى ورعايتهم وعلاجهم وهي من ضمن مخاطر عمله لان واجب الكوادر الطبية بمختلف الاختصاصات هو التحلي بالمسؤولية والقيام بواجبهم الإنساني بتقديم الرعاية الطبية للمرضى دون تردد مع الالتزام بكل إجراءات الحماية الشخصية ، ويجب ان نعي ايضاً ان حماية السلامة العامة واجب مجتمعي أصيل يعكس الالتزام به أصدق مشاعر الولاء والانتماء للوطن الذي نستظل بظلة ونتفيأ بحبه .
على الجهات المسؤولة ومؤسسات المجتمع المدني وكل المعنيين المباشرة الفورية باطلاق مبادرة إنسانية نبيلة ، عنوانها "حمايتهم مسؤوليتنا" للمساعدة في تقديم الوقاية لحماية كافة الكوادر الطبية من خطر فيروس كورونا "كوفيد ـ ١٩" فهم يحتاجون إلى إجراءات إضافية لحمايتهم من العدوى ، وذلك من خلال المساعدة في تبني سلسلة من الإجراءات الاحتياطية الصحية الوقائية لحمايتهم من الاصابة ، اضافة الى الحاجة لبناء القدرات بشكل مهني في التعامل مع هذا الوباء والتي أبرزها إطلاق حملة توعية موجهه بأهمية سبل الحماية والوقاية إضافة الى تصميم برنامج لبناء قدرات الأطباء ورفع من مهاراتهم العملية الوقائية في طرق الحماية من الأمراض المعدية وذلك في مبادرة فاعلة تحقق الاهداف المرجوة .
واخيرا .. فهذه تحية احترام وتقدير لكل من يعمل من أجل الاردن وسلامة كافة المواطنين ، لذلك فنخن نعبر عن الفخر والاعتزاز ، لجهود الكوادر الطبية والتمريضية والذين يسطرون في مواجهة "أزمة كورونا" أروع تضحيات العطاء والإخلاص في إطار أداء رسالتهم الإنسانية النبيلة ، القائمة على مراعاة صحة وسلامة الجميع .
بقي ان اقول .. رحم الله شهداء الواجب والانسانيه واسكنهم في عليين ، فيا وطننا الاردن الغالي اطبق عليهم من حبك ومن ترابك الطهور ما تقر به اعينهم وأرواحهم ، والى رحمة الله ، والفاتحة منا ومن كل ابناء الاردن ..
وانا لله وانا اليه راجعون
والله ولي الصابرين