في حديث سابق , قال رئيس الهيئة التنفيذية للتخاصية أنه لم يعد هناك شركات حكومية كبيرة معروضة للخصخصة , فطرحت الهيئة مشروعا جديدا حمل عنوانا كبيرا هو الشراكة مع القطاع الخاص وأسندته بقانون مقترح لم يصدر بعد .
البرنامج الجديد لهيئة التخاصية يقوم على إبتكار مشاريع وأفكار جديدة يفترض بها أن تجتذب القطاع الخاص لاقتحام مشاريع في محاولة لانجاح فكرة الشراكة التي إصطدمت حتى الآن بمعيقات كثيرة , لكنها في ذات الوقت تمد في عمر الهيئة التي يفترض بها أن تصفى بعد أن أنجزت ما هو مطلوب منها ولم يتبق لها ما تفعله .
كنت أتمنى أن تعقب المرحلة الأولى من عمل الهيئة , مراجعة لما أنجزته قبل أن تنتقل الى مرحلة ثانية , تقوم على المبادئ وليس على برنامج ممنهج لنقل أذرع القطاع العام الاستثمارية الى القطاع الخاص الأكفأ في الادارة والتشغيل وتنمية المشاريع بدليل أن كل الشركات التي كانت تصنف بالمتعثرة أو التي كانت تشكل عبئا على القطاع العام لأسباب كثيرة ليس من داع لتكرارها فقد باتت معروفة , أصبحت خلال أقل من عام على خصخصتها قصص نجاح في الربحية والكفاءة , ولا يتسع المجال هنا كذلك لسرد الأسباب .
المراجعة والتقييم التي يفترض أن تكون تمت وصدر فيها تقرير مطول تناولت مناقب الخصخصة وأثرها على الشركات والعمالة والادارة , لكنها لم تتناول الأسباب الجوهرية التي جعلت من تلك المشاريع أو الشركات تنتقل فجأة من الخسائر الفادحة الى الأرباح الفلكية كما في حالة شركات التعدين والكهرباء والاتصالات وغيرها الكثير , وبالتالي حسم الجدل حول توقيت الخصخصة من ناحية عدالة التقييم عند البيع , وهو ما أبدت الحكومة ندما وإن لم يعلن عما فاتها من فرق أسعار , ما دفع بعض الأراء لأن تصف مواقيت الخصخصة بالتعجل أحيانا والغبن أحيانا أخرى , في مقابل أصوات
دافعت بقوة عن البرنامج من أن تحقيق الأفضل فيه لم يكن متاحا بحكم الظروف أنذاك , ومن أن التطورات اللاحقة على هذه المشاريع والشركات التي تبعت إنتقالها الى القطاع الخاص لم تكن متوقعة في الحد الأعلى للتوقعات , بل إن هذه الأصوات ذهبت بعيدا برد النجاح الى إدارة القطاع الخاص وتعليل الفشل ببيروقراطية إدارة القطاع العام كدليل على أفضلية خيار الخصخصة .
من حيث المبدأ , مع الخصخصة وللدفاع عنها لدي كل المبررات بدءا بالحاجة الى تطوير الادارة وتوفير المال والخبرة والمعرفة والمنافسة والأسعار والتدريب وغيرها الكثير من المميزات التي يمكن سردها , لكني لست معها بأي ثمن , خصوصا إن تعلق الأمر بحاجة الخزينة للمال بغض النظر عن حاجة الاقتصاد الى القيمة المضافة .
إن كان القطاع الخاص الوطني قد فوت فرصا كبيرة يندم عليها اليوم , ليس أقل نتائجها توظيف المال الوطني وعوائد الأرباح في الاقتصاد الوطني بدلا من توزيعه على الشركات الأم في الخارج , وإن كانت أكثر هذه لم تقم بجلب المال معها من الخارج بقدر ما حصلت عليه من البنوك لتمويل عملياتها , فان علينا اليوم أن ننظر بعين يقظة الى المشاريع الوطنية الكبرى في المياه والطاقة , بما يحقق فوائد أكثر من تلك التي تحققت في المرحلة الأولى لبرنامج التخاصية حتى لا نستمر في إضاعة الفرص.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي