قصص قصيرة جداً: شهرزاد التي قتلت الراوي!
حسين دعسة
30-10-2020 07:14 PM
1 - غياب ألف ليلة وليلة
ظل يقلب الحكايات باحثا بشراهة عن صورة يعرفها عن شهرزاد.. يتذكر محاولات هروبها، تختفي بين الرواية وتراقب حد السيف، تتجمل في الصباح لتعيش رهبة المساء.
قالت لي ذات صباح انها نجت، فقد تعب من حكايتها الرجل الذي يخفى سيفه في مكان ما تحت سرير الموت، ضجت من شرر الورود والازاهير الكاذبة، فالرجل يغوص في روايتي ويختفي للحظات، يتململ من كثرة كلامي، لا يعجبه خوفي، يريدني جارية تمسح بقايا القصص، ليراني مذبوحة ورقبتي على حد السيف.
نظرت في عينيها، سهر وتقلب الزمرد وتلون الدمع، بريق مخطوف كغيمة صيف مشتتة.
- والان يا شهرزاد؟
- اريد الاختفاء، من حقي الاحتفاظ ببقايا حكمتي ومسارات ابطالي، لا اريد الموت بين نظرات عيونهم وشفقة كاذبة يتبادلونها في نهاية الليل.
- هل لديك خارطة تنهي طريق الغابة ورجال شهريار؟
-لدي عيوني.. والدمع، وهذا القلب المتعب.
رأيتها تخرج في ساعة الديك، تصيح وتهرب، تولول مثل أرملة وحيدة.
- قتلت الراوي، قتلت ظلي.
2 - طفل البحار
فقد الصياد، غامت شمس اليوم، احتار الصيادون بما اختطفه البحر، حملوا الطفل الوليد إلى بيوتهم بحثا عن مرضعة تنقذ حياته.
نام الوليد على حضن ساحرة البحر، افاقت تنثر تعاويذها على رأس البحار الصغير.
بعد الأعوام الأولى، من فطام صعب فهم الطفل ان البحر يمنحنا الرزق، يختطف قلوبنا وتأكلها أحياء تستعمر كهوف الظلام في مجاهيل الموج.
رمى شبكته الأولى، بشرته الأمواج برأس البحار، وقليل من السمك.
3 - الرواية قبل الفجر.
تجمعت ظلالهم، كور الجمر تسمن دفئا عزيزا في ليلة طال مدها وصخب البحر يزاحم رمال الشاطئ.
مالت الرؤوس نحو النار، غمسوا الزيت والخبز، نظراتهم على بحر عنيد يخفي شبح الموت.
قال الراوي الاول:
-شباكي ضعيفة وانا وهن العظم مني فلا صيد لي هذا الفجر.
نهض الصياد الثاني يغني:
-يا بحر امي تنتظر
يا بحر رزقي في هذا المدد
مدد.. مدد
تناقل رواة الفجر أصواتهم، هاجوا مع الموج الطويل:
-يا بحرية هيلا هوب!
(الرأي)