الانتخابات الامريكية على المحك
المحامي محمد مروان التل
30-10-2020 01:32 PM
مع اقتراب الأنتخابات الرئاسية الأمريكيه في الثالث من نوفمبر المقبل ، لا تقف حالة الترقب عند العالم العربي فحسب بل تتجاوزها الى دوائر صنع القرار في عواصم عالمية كبرى ، فالرئيس الامريكي القادم يرسم ملامح الخريطة العالمية بعلاقات الولايات المتحدة المتشابكة و صراعاتها الواقعة و المتوقعة ، إضافة إلى رسم ملامح الخارطة الإقتصادية العالمية فإقتصاد الولايات المتحدة الامريكية يمثل ما بين 20-25% من الاقتصاد العالمي .
بالرغم من استطلاعات الرأي ما زالت منذ بدء حملات الترشح الانتخابية تحافظ على تفوق مُريح للمرشح الديمقراطي جو-بايدن على منافسه الجمهوري ترامب إلا أنه لا يُمكن التعويل على هَذِه الإِستطلاعات و إن كانت تجري بواسطة مؤسسات مستقلة تتمتع بثقة لدى الناخبين الامريكيين ، و ذلك لخصوصية و تعقيد عملية الإنتخاب الأمريكية ، فوفق قانون الإنتخاب الأمريكي ليس بالضرورة للمرشح الحاصل على النسبة الأعلى من الأصوات ان ينجح بالانتخابات ، طالما لم يحصل على اغلبية اصوات ((المجمع الإنتخابي)) و الذي يتألف من ناخبين عن ٥٠ ولاية أمريكية بالإضافة إلى المُقاطعة الفيدرالية التي تقع فيها واشنطن العاصمة ، و عدد هؤلاء الناخبين 538 ناخب ، يقومون رسميا بإختيار الرئيس و نائب الرئيس للولايات المتحدة بأغلبية 270 صوت من أصوات المجمع الأنتخابي على الأقل .
لا شك أن الرئيس ترامب يواجه تحديا لم يكن متوقعا في المنافسه الانتخابية و هو تحدي استمرار تفشي وباء "كورونا" الذي أصاب حوالي 7 ملايين شخص في الولايات المتحدة و أودى بحياة أكثر من 200 الف شخص، إضافة الى تنامي ظاهرة عدم قبول الآخر و ما نتج عنها من احداث عنصرية وقعت بعهد رئاسته ، إلاّ أن ترامب يتمسك في خطابه الإنتخابي بالنمو الذي حققته إدارته في المالية العامة للولايات المتحدة ، و في حجم الوظائف التي وفرها للشعب الأمريكي ، و الأهم لدى ترامب في حملته الانتخابيه هو دعم اللوبي الصهيوني - صاحب النفوذ داخل الولايات المتحدة - نظرا لما وفره ترامب لإسرائيل من دعمٍ غير مسبوق بدء من انسحابه من الاتفاق النووي مع ايران و الذي كان قد أُبرِم بواسطة سلفه الديمقراطي "اوباما" ، الى نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس و إعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل ، انتهاءا بإعلانه خطة السلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين و التي فُصِلت على أهواء الإسرائيليين و نتج عنها إقامة علاقات إسرائيلة علنية مع دول عربية.
أما الديمقراطيون فيسعون الى الدخول للبيت الأبيض على أنقاض ما يعتقدونها عيوبا فادحة في أداء الرئيس ترامب ، معولون على فشل الرئيس ترامب و إدارته في التعامل مع وباء "كورونا”، و استخفافه به و رفضه إغلاق البلاد و لبس الكمامة مما ساهم بتفشي الوباء و حصده لأرواح أكثر من 200 الف أمريكي ، و يغازل الديمقراطيون الناخبين الامريكيين من خلال طرح شعار "شفاء روح الولايات المتحده و استعاده الديمقراطية "، الديمقراطية التي يرون أن ترامب بددها كما بدد صورة امريكا كراعية للديمقراطية العالمية و ذلك من خلال العديد من القرارت التي اصدرها المتعلقة بالهجرة ، و يعدون بإبتكار نظام هجره يتماهى و الصورة الإنسانية التي يجب أن تظهر بها الولايات المتحدة أمام العالم ، كما يخاطب الديمقراطيون الناخبين الأمريكين بشعار إستعادة مصداقية الولايات المتحدة من خلال إعادة النظر بالعلاقات الدبلوماسية بعد انسحاب ترامب من العديد من الإتفاقيات و الإلتزامات الدولية و تنصله من إلتزامات الولايات المتحده بقضايا البيئة و المناخ ، إضافة الى ما ذُكر لا يبدو ان الديمقراطين سيفوتون فرصة ( ازمة العنصرية ) التي تشهدها الولايات المتحدة دون استغلال انتخابي ، فبرامج بايدن الانتخابي يتضمن خطط نابذة للعنصرية و التفرقة التي يحملون ترامب اذكاءها في البلاد ، و يدفعون نحو مصالحة اجتماعية تقود الى تخطي حالة العدائية و الفرقة التي تسيطر على المشهد الامريكي .
ايام قليله و يُزال الستار عن المشهد الذي طال انتظاره لدى الشعب الامريكي و العديد من الدول المتأثرة بالوضع الامريكي ، و يبقى السؤال هل تحسم خبرة بايدن السياسية سباق المنافسة لصالحه، و هل ستشكل أخطاء ترامب و إدارته الارضية التي تمكن الديمقراطيين من الوصول الى البيت الابيض .