في القمة العربية اسرار. وفي كل القمم اسرار ، يروى بعضها ، ويبقى البعض الاخر ، طي التاريخ ، والسجلات والذاكرة.
هنا في سرت. وفي المداولات المغلقة تفجرت عدة قضايا. الامين العام لجامعة الدول العربية اراد استحداث موقع جديد هو "مفوض القدس" والموقع له ظلاله غير المريحة بشأن دور الاردن تجاه القدس. وزراء خارجية عرب ساندوا الاردن في رفضه لهذه الصيغة ، لان فيها التفافا وسحبا للبساط من تحت الدور الاردني في القدس. وزير الخارجية المصري تراوحت مواقفه بين التأييد والرفض ، غير انه في النهاية اتخذ موقفا مؤيدا لموقف وزير الخارجية الاردني. الحديث في مرحلة كان عن تكيلف شخصية مغربية بالموقع. ثم تم طرح صيغة لتولي شخصية مقدسية للموقع. المغاربة قالوا انهم سيدعون لجنة القدس للاجتماع قريبا ، من اجل بحث عدد من الملفات. في النهاية لم تنجح قصة "مفوض القدس" ولا احد يعرف اذا ماكانت ستطل برأسها مجددا. الصيغة ظاهرها القدس ، وسرها يريد قضم الدور الاقليمي للاردن.
من الاسرار الاخرى ما يتعلق بطرح مشروع لتكتل اقليمي جديد هو رابطة دول الجوار. في المعلومات ان ايران تم ابلاغها مسبقا عن المشروع ، من اجل انضمامها وانضمام تركيا. التجمع الاقليمي هنا موازْ لجامعة الدول العربية ، وقد يؤسس لانهيار جامعة الدول لاعربية لصالح تكتل اقليمي. الفكرة انهارت امام رفض دول عربية للفكرة ، لان التعبير عن دول الجوار يعني دول عديدة. ولان الصيغة فوق الجامعة العربية ودون صيغة منظمة المؤتمر الاسلامي التي تحوي دول عربية واسلامية. في المحصلة العرب شبعوا تجمعات. الاتحاد المغاربي. الاتحاد الخليجي. واتحاد الدول العربية الذي كان يضم الاردن ومصر والعراق واليمن. وهي تجمعات لم تقدم ما يمكن اعتباره فوق العادة في العمل العربي المشترك.صيغة رابطة دول الجوار فضفاضة. ولها اخطارها وقد فشلت في نهاية المطاف.
سر ثالث. يقول ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يكن يرغب بالمشاركة. الليبيون لم يصدقوا قصة مرض عباس في تونس وعلاجه في عمان. مشاركة عباس تقررت في اللحظات الاخيرة. القذافي لم يخرج لاستقبال عباس ، وكان وجه عباس يشي بكثير من الضيق لاسباب غير معلومة. قمة سرت اصبح اسمها قمة القدس ، بقرار من وزراء الخارجية العرب. اكثر القرارات والمداولات تتحدث عن القدس ، وهي كلها صياغات لغوية لا تضر ولا تنفع ، فالقدس نالت كما هائلا من الشعر العربي والصياغات والبيانات ، ولا احد يهتم في المجتمع الدولي بكل هذه القصص. ملف احتياجات القدس المالية بدأ بمائة وخمسين مليون وقفز الى نصف مليار دولار ، وهناك اقتراحات بتأسيس صندوق للقدس بخمسة مليارات. اغلب الظن ان القدس لن تحصل على دولار واحد في نهاية المطاف ، ليس لان العرب لا سمح الله يكذبون ، ولكن لان قصة الدعم المالي تتكرر كل مرة ، ولا يصل القدس زيت لسراج واحد.
الانجاز الوحيد في العالم العربي هو عقد القمم بشكل منتظم. وهي قمم تتكبد الدول نفقات هائلة تصل الى عشرات الملايين. الاخوة في ليبيا تكبدوا نفقات هائلة. للبناء والاقامة والمواصلات والاتصالات. من اجل القمة العربية. المفارقة هي ان الشركات المنفذة هي تركية ، والاف العمالة للضيافة وبقية القضايا تم جلبها ايضا من تركيا. وعلى هذا يجتمع العرب ، وتستفيد فقط الدول الكبرى في الاقليم. قضايا العرب خطيرة ولا يتم حلها ، والمستفيد الوحيد من المصاريف والنفقات هي تركيا والطربوش التركي يهتز فرحا لدوره في كل مكان.
امان ربي امان.
mtair@addustour.com.jo
الدستور