في مواجهة كورونا ..
الدكتور مهند عبد الفتاح النسور
27-10-2020 10:41 AM
ان التصريح الذي أدلى به مُؤخراً الدكتور أحمد المنظري المُدير الإقليمي لمُنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، حول ما تشهدهُ بُلدان شرق المتوسط من تسارُع محموم في انتشار وباء فيروس كورونا COVID-19، يُعتبر بمثابة الاعلان عن دخول الفيروس مرحلةً حرجة، وهذا يتطلب منا ضرورة الإسراع في تعزيز منظومة الرصد الوبائي، والاستجابة السريعة للتوصيات التي أوردها التصريح، والتركيز على زيادة عدد فرق الاستقصاء الوبائي للحالات، وإفراز المُصابين وتتبع المخالطين، لأننا ما زلنا لم نُحقق التقدم المنشود في عدد الفحوصات والاستقصائيات اليومية بصورةِ فعالة، بما يتناسب مع الزيادة اليومية في عدد الإصابات، لأن تركيز الجهود الصحية في الوقت الحاضر، ينصبُ في معظم الأحيان على شراء أجهزة التنفس الصناعي، وزيادة أعداد أجهزة الإنعاش، واستحداث المُستشفيات الميدانية، وزيادة عدد الأسرة.
إنني أوكد على أهمية هذه الإجراءات في التصدي للوباء، ولكنها ما زالت لا تفي بالغرض المطلوب بشكلٍ عملي، فالأمرُ يتطلب منا القيام بإجراءات احترازية ووقائية اكثر فاعلية، وعدم الاكتفاء بمُجرد استقبال الحالات وتقديم المُساعدة الطبية المحدودة لها، ولعل أبرز هذه الإجراءات التي يجب الإسراع في تنفيذها، هو تحسين مستوى التقصي الوبائي، وزيادة اعداد الأشخاص الذين يتم فحصهم وسرعة إعطاء النتائج المخبرية، وتعزيز أدوات الرصد الوبائي بكافة مكوناتهُ.
إن الزيادة المضطردة في اعداد المُصابين من دول شرق المتوسط، تؤكد لنا على ضرورة إشراك كافة مكونات المُجتمع بالعمل الجماعي والتكاتف المُنظم، سواء كان ذلك من خلال المُنظمات والدوائر المُختلفةِ أو مؤسسات المُجتمع المدني والأفراد، وإيجاد خطة سريعةً للتصدي بفاعلية للوباء، وعدم ترك الحكومات في الميدان الصحي بمعزلٍ عن تعاون الجميع ومن كافة المستويات، خصوصاً بعد ان اتضح صعوبة وعواقب الحظر ومنع التجوال الشامل، وما سببهُ من تصادم مع الفكر الاستراتيجي للاقتصاديين وأصحاب الاستراتيجيات المُختلفة، وبناء على هذه المُعطيات أصبح من الضروري التفكير خارج الصندوق، وإيجاد أساليب وتقنيات علمية حديثة مُبتكرة، يُستعاضُ بها عن الأساليب التقليدية التي اتبعت في المراحل الأولى في مواجهة الفيروس.
كما يتوجب علينا الاستفادة من نظام الرعاية الصحية الأولية، واستخدام التكنولوجيا المُناسبة، وتفعيل منظومة التثقيف الصحي، والتي لا تزالُ دون المستوى المطلوب، اذا ما تمت مُقارنتها بالجهود الأُخرى، من خلال استحداث برامج التثقيف الصحي المُناسبة لكافة فئات المُجتمع، كاستخدام الرسائل النصية والمرئية والصوتية، التي تتوائم مع التأثير في ثقافة المُجتمع وفهمهُ لخطورة الوباء، لأن الإجراءات التي تتم حالياً في مُعظم دول شرق المتوسط، ما زالت كما لو أن الوباء في مراحلهُ البدائية .
اننا نُدرك أن المرحلة القادمة قد تكون غايةً في الصعوبة والتعقيد، خصوصاً مع بدء دخول موسم الشتاء، وما يُصاحبهُ من انتشار للأمراض كالإنفلونزا العادية الموسمية وغيرها، والتي سوف تجعل المشهد أكثر ضبابية وتعقيدًا في مواجهة الخطر الحقيقي للفيروس، كما أنهُ أصبح من الواضح أن المُعادلة لن تتزن الا اذا تمت السيطرة على الوباء بتكاتف كافة فئات المُجتمع، وإلا سوف يتم افتراس الفئات المُجتمعية والعُمرية المُختلفةِ، من خلال انتشار الفيروس في كافة الاتجاهات، وبالتالي انهيار منظومات الصحة في هذه البُلدان التي تُعاني أصلاً ضغوطاً غير مسبوقة على أنظمتها الصحية حالياً.