انزال علم فرنسا عن دار الحكومة في معان
د.بكر خازر المجالي
27-10-2020 08:47 AM
الحدث في معان في عام 1920م، والحالة بعد معركة ميسلون في 24 تموز 1920 التي من نتيجتها المباشرة انتهاء الدولة العربية، ولكن مع بقاء رئيس الوزراء علاء الدين الدروبي في عهد الملك فيصل الاول نفسه رئيسا للوزراء تحت الحكم الفرنسي بعد احتلال دمشق، وبقي عبدالرحمن اليوسف الذي كان رئيس مجلس عموم سوريا نفسه في منصبه لانهما (الدروبي واليوسف) تحولا الى الولاء لفرنسا فورا ووقفا ضد الملك فيصل.
رئيس الوزراء الدروبي اعتبر شرق الاردن جزءا من الدولة السورية في ظل الانتداب الفرنسي، وبالتالي تكون ثلاثة اقطار تحت السيطرة الفرنسية وتبقى الرابعة "فلسطين" فقط تحت الانتداب البريطاني وهذا يخالف اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا، وهنا تدخلت بريطانيا بقوة وتواصلت مع اهل شرق الاردن فكانت الحكومات المحلية الرئيسية في عجلون والسلط والكرك، وارسلت بريطانيا لكل حكومة مستشار بريطاني.
رئيس وزراء غورو في دمشق "الدروبي" اصدر تعميما او أوامر للمتصرفين للالتزام بتعليمات حكومته، ووجه رسالة الى متصرف الكرك للحفاظ على الاستقرار، ووجه رسالة مماثلة الى متصرف معان "عبدالسلام كمال" وطلب منه الالتزام بتعليمات دمشق مع الالتزام باستخدام العملة الفرنسية، فقام عبدالسلام كمال بانزال العلم العربي عن دار الحكومة في معان ورفع العلم الفرنسي مكانه.
لكن بقيت جذوة الثورة والعروبة تسري في النفس العربية، فعندما حضر علاء الدين الدروبي وعبدالرحمن اليوسف بواسطة القطار الى منطقة درعا تعرضا لهجوم في منطقة خربة الغزالة وقتل اهل المنطقة الاثنين فورا انتقاما منهما كخائنين انقلبا على مليكهم العربي فيصل.
لكن القصة الاخرى ان متصرف معان عبدالسلام كمال، وعندما جاءت اليه أوامر دمشق قام بانزال علم الدولة العربية السورية ورفع العلم الفرنسي مكانه. وبقي العلم مرفوعا ليومين ثم شن عودة ابو تايه هجوما على متصرفية معان وانزل العلم الفرنسي ورفع العلم العربي وزج بالمتصرف عبدالسلام كمال في السجن.
هذه الحادثة ذات البعد القومي العروبي، جعلت بريطانيا تتدخل واعتبرت ان فرنسا قد خالفت اتفاقية سايكس بيكو، وربما كانت بريطانيا ستترك شرق الاردن وشأنه، لكن الحادثة هذه سارعت بتأسيس الحكومات المحلية والتدخل البريطاني المباشر، الذي تطور الى فرض صك الانتداب ثم استثناء شرق الاردن من تبعات وعد بلفور، ومن بعد التنسيق بين الحكومات المحلية وتنظيم المؤتمرات الوطنية التي طالبت بأمير عربي ليترأس البلاد، وكانت هذه هي البداية قبل مائة عام لولادة الدولة الاردنية التي بدأت كحكومة الشرق العربي ثم امارة شرق الاردن ومن بعد المملكة الاردنية الهاشمية.