العلوم المناطقية والانتخابات النيابية
د. حازم قشوع
27-10-2020 12:54 AM
تعتبر العلوم المناطقية من العلوم الانسانية التي تدرس نشأة المجتمع ومقدار تاثره في بيئته المحيطة والظروف الموضوعية التي تلم به اضافة الى تطلعات المجتمع الذاتية وامكانياته المتوفرة، ولان العلوم المناطقية تشكل ارضية بيت القرار لذا فإن هذه العلوم يعول عليها ترجمة الآمال الشعبية وتجسيدها ضمن المقتضيات الظرفية التي تحقق صالح المجتمع وبالتالي الصالح العام.
فالعلوم المناطقية علوم تاخذ بالخصوصية المجتمعية لكن لا تستكين لها وتاخد بالظروف الموضوعية ولا تتعمق معها، لذا فان العمل وفق احداثيات الخصوصية الاجتماعية يتطلب تحديد بوصلة الاتجاه والتوجه من خلال رؤية تجتمع حولها النخب السياسية اولا، التي بدورها تعمل على قيادة التوجهات الاجتماعية لتشكل بيئة الاستجابة التفاعلية لعنوان الرسالة ومضمون المهمات التي يراد انجازها او تحقيقها.
وهذا ما يعرف بالاجماع على الدولة او ما يعرف بالمصطلح الدارج الوحدة الوطنية، وهو يعتبر احد شروط بناء الدولة كما هو احد اشتراطات الديموقراطية، والتي يمكن تجسيدها في العملية الانتخابية، فكلما كانت الانتخابات اكثر تفاعلية حملت نتائج بالتغذية الراجعة لهذا المفهوم اكثر ايجابية، لذا كان دائما يعول على الانتخابات النيابية من فرض ايقاعها العام بتوسيع حجم المشاركة تجاه صناديق الاقتراع واستخراج معانيها الخاصة التي تمثلها حركة الاجماع الاهلي حول النظام والمجتمع،فلا يمكن بناء مجتمع المواطنة او تكوين منظومة الدولة المدنية من خلال اتباع او تاصيل منظومة جهوية او طائفية في الدولة، لانها تتناقض مع المنهجية الديموقراطية ابتداء ولا تنسجم الحقوق الانسانية التي كفلها الدستور كما الاعراف.
ومن على هذه الارضية تحرص الدول كما المجتمعات على الاهتمام بالعملية الانتخابية وعلى انجاحها، وعلى تذليل كل المعيقات التي تحول بين المواطن وبين تجسيد ارادة في صندوق الاقتراع، كما تحرص الدولة على دعم مناخات الترشح واجواء الترشيح، من واقع حملات دعائية واجواء اعلانية تسلط الضوء على العملية الانتخابية واجوائها، اضافة الى تنظيم عمل الانتخابات من يوم التسجيل مرورا بيوم الترشيح ويوم الاقتراع ويوم الاعلان عن النتائج، هذا اضافة الى تخصيص هيئة مستقلة تستهدف الحيادية وتسهم في تعزيز ثقة الناخب تجاه صناديق الاقتراع.
ولان الاردن يعتبر من الدول والمجتمعات النيابية فان الدولة قدمت نموذج عمل ريادي رغم الظروف الاستثنائية المحيطة تحقق هذه الاهداف والعمل ومن اجل تجسيد الارادة الشعبية لتكون في بيت القرار من خلال مجلس نواب قادر على تنفيذها، لتوائم الارادة التقريرية بين صوت المقتضيات الذي تشكله الحكومة مع صوت التطلعات الذي يشكل مجلس النواب عنوانه، وهذا ما يميز المجتمع الاردني وما تميزت به الدولة الاردنية عن غيرها، وباتت سمة ميزتها وامتازت بها في العلوم المناطقية.
(الدستور)