السيد الرئيس، أحييك بتحية الإسلام. تحية السلام والرحمة والمودة لكل العالمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الله عز وجل رب الناس جميعا خاطب نبيه سيد الخلق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ). وهنا يبرز فحوى الرسالة المحمدية، وهي رسالة الرحمة والمحبة والمودة.
إن محاولة الإساءة إلى رسول الله لن تمسه قطعا، لأن الله عز وجل قد عصمه من الناس، حيث قال: (إنا كفيناك المستهزئين)، وقال أيضا (إنك بأعيننا)، ولكن محاولة الإساءة هذه تمس ما يقارب ملياري مسلم وتستفز مشاعرهم.
إن إثارة مشاعر الكراهية بين الأمم أمر بغيض ومرفوض ومنبوذ لأنه لا يورث إلا الحقد الأسود، ويلغي مبدأ التقاء الأمم ولا يحق لأحد أيا كان أن يعتبر مفهوم حرية التعبير هو الإساءة للغير، فمقدسات الأمم وعقائدها ورموزها لا تخضع للأهواء الشخصية والآراء المنفلتة من كل مبادئ احترام الغير، ولقد قرأنا في أدبيات الثورة الفرنسية التي نحترمها أن حرية التعبير تنتهي عند الإساءة للغير.
السيد الرئيس، نحن نفهم تماما أن ما يحدث في فرنسا من أعمال إرهابية والقتل والتفجير يثير غضبك وهو يثير غضبنا في آن واحد، لأننا أمة تنبذ العنف والقتل، وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( الإنسان بنيان الله ملعون من هدمه ) ولم يقل المسلم، فدم الإنسان محرم هدره في عقيدة الإسلام، ولا تنسى أن الإرهاب الذي طال بلادك قد طال أيضا بلاد المسلمين، وقتل بسببه آلاف الأبرياء وفجرت المساجد.
فلا يجوز أن تتهم أمة بأكملها وعقيدة عظيمة كعقيدة الإسلام تدعو للرحمة بين أبناء البشرية بسبب أعمال إرهابية مقيتة يحسب أصحابها أنهم يحسنون صنعا، ويحسبون أنفسهم على الإسلام متناسين أن الإسلام دين حوار وإقناع وليس دين قتل وإرهاب.
كما يجب دائما البحث عن جذور المشكلة، فالإساءة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام تعطي هؤلاء فرصة للتعبير عن جهلهم وإجرامهم وعدم فهمهم للإسلام، لذلك كان من الواجب أولا منع الإساءة إلى رسول الله، وإغلاق الأبواب بوجه هؤلاء الجهلة درءً للشر.
إن العالم اليوم بحاجة إلى الحوار والتعاون وليس الصدام والاستفزاز، لذلك أدعوك وأدعو كل أصحاب الفكر في فرنسا إلى قراءة الإسلام من جديد حتى تكتشفوا كم هذا الدين عظيم، وكم هو يدعو للسلام بين الأمم، وأنه كما أسلفت ينبذ العنف والقتل.
السيد الرئيس أدعوك من جديد للتراجع عن موقفك الحاد تجاه الإسلام الذي أمر باحترام الأديان كلها كما يحترم كل أنبياء الله، فهذا جزء أساس من عقيدتنا، ومن كفر بنبي واحد قد كفر بنبي الله محمد.
وأذكر لك قول الله عز وجل في القرآن الكريم ( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) وأن التعايش بين المسلمين والمسيحيين ضرب أروع المثل عبر التاريخ من المودة والمحبة والشراكة والاحترام المتبادل.