المجالس النيابية واللامركزية والخلط في المسؤوليات
الدكتور وليد المعاني
26-10-2020 11:29 AM
عندما تبنينا فكرة اللامركزية ووضعنا تشريعات لها وسرنا فيها، كانت لدينا أهداف نبغى تحقيقها. فزيادة على أن المبدأ ينشئ مجالس لامركزية تعرف وتتفهم وتسهل وتسرع أمور الخدمات المقدمة للناس، فإنه (أي المبدأ) يتيح لمجموعة من المواطنين المحليين الوصول لمجالس اللامركزية وإدارة شؤونهم بأنفسهم. وكان من الأهداف كذلك مرور أعضاء تلك المجالس بتجربة المجالس المنتخبة على المستوى المحلي تمهيدا لوصولهم للمجلس النيابي عند إثبات قدراتهم لمجموعة ناخبيهم. هذا بالإضافة للخبرات المكتسبة من خلال انتخابات البلديات والمجالس المحلية.
كان المأمول ان تتولى اللامركزية الشؤون المحلية والحياتية اليومية والخدماتية للناس كمستوى ثان بعد البلديات تاركة موضوع التشريع والرقابة لمجلس النواب الذي نعتبره المستوى الثالث من التمثيل.
كم كان سيكون عمليا وجميلا لو أن سياسات وتوجيهات الحكومة قد تم التعامل معها وادارتها عن طريق مجالس اللامركزية خلال أزمة كورونا الحالية. ربما كان التطبيق سيكون أسهل والنتائج أحسن فأهل مكة أدرى بشعابها ما دام الأمر ضمن استراتيجية واضحة المعالم.
وعلى الرغم من ذلك، فلعله من المؤسف أن كبار مسؤولي الدولة يقضون حيزا كبيرا من اوقاتهم في استقبال ووداع النواب الذين يأتون للبحث في أمور خدماتية بحتة هي من الواجبات الأساسية للمجالس المركزية.
بينما تستعد البلاد للانتخابات النيابية القادمة نجد ان الأدوار لم تتوضح بعد فما زال المرشحون للمجلس النيابي يعرضون على مجموع المواطنين قدراتهم على تحقيق إنجازات خدمية محلية من المفروض أن يتوقفوا عن الحديث فيها وعنها. ومن المؤسف أننا لا نسمع عن برامج متكاملة ذات معنى لأي كتلة تتحدث بوضوح ودون لبس عن خطط تشمل الأمور السياسية والاجتماعية والتطوير والاقتصاد وغيره، بمعنى رؤية شاملة متكاملة تصلح كبرنامج تدافع عنه الكتلة في المجلس وتعمل على إقناع الحكومة برؤيته.
طالما بقي المزج بين الصلاحيات ولم تتضح الأمور وتطبق على أرض الواقع، ستقبى اللامركزية مشروعا غير مكتمل لأن هناك من انتقص من واجباته ومسؤولياته، وسيبقى مجلس النواب مشغولا بقضايا ليست له على حساب التشريع والرقابة.