لم يعد يخفى على احد العداء الذي يبديه الغرب عامة تجاه الاسلام والمسلمين وليس سرا ما يصرح به مسؤولون بارزون في الدول الغربية ضد الاسلام والمسلمين، وهذا ليس بالامر الجديد ولا بامر المستغرب حقيقة، والتاريخ قديمه وحديثه ومعاصره مليئ بمواقف واحقاد وافعال الغرب ضد الاسلام والمسلمين وعندما نقول الغرب كمصطلح فاننا نقصد الغرب (العلماني) فاننا لا نرى اننا على عداء مباشر مع مسيحيي الغرب وليس ظاهرا ذلك على الاقل.
وفي كل مرة يعلن فيها الغرب عداء صريحا ضد الاسلام تقوم فعاليات شعبية مناهضة لذلك وتقوم حملات مقاطعة لمنتجات تلك البلد الذي استعدى على الاسلام ومقدساته ورموزه، والحقيقة ان ما ان تنتهي الضجة الاعلامية حول الموضوع يبدأ المقاطعون بالتنازل عن مقاطعتهم تدريجيا حتى تنتهي المقاطعة وكأن شيئا لم يكن، ولنا في الماضي القريب تجارب شتى لم ننساها بعد.
وفي خضم هذه الاحداث احببت ان انوه لامور اساسية راجيا من القارئ الكريم ان يتسع صدره لما ساقول،
اولا: لا بد ان نتحدث عن غياب تام للجانب الرسمي في هذه الحالات، فرد الفعل الرسمي عادة ما يجيئ على استحياء، وكأنه رفع عتب اضافة لان كثيرا من الدول والمنظمات الاسلامية الرسمية لا تعلق على الموضوع اصلا وكأنها تكتفي برد فعل الشارع.
ثانيا: حملات المقاطعة كرد فعل على الاساءة او الاعتداء على مقدسات ورموز الدين ينقصها الكثير حتى تؤتي اوكلها خاصة في ما يتعلق بنوع المنتجات ومدى تأثيرها على اقتصاديات الدول المصنعة ومدة استمرار المقاطعة والاقبال بعد المقاطعة على استهلاك المنتجات ذاتها، حيث أن المقاطعة أحيانا تكون حلا مثاليا للتجار سواء المستوردين او المصنعيين لرفع أسعار تلك المنتجات بعد هدوء عاصفة المقاطعة نتيجة لانقطاعها المفاجئ من الاسواق والاقبال الذي يلي حملات المقاطعة عليها. ولكي تكون المقاطعة مثمرة يجب ان تكون اسباب هذه المقاطعة حافزا وان ننظر لها بايجابية هذا من ناحية ويجب ان تتزامن مع موقف رسمي واضح يحفز تلك الايجابية، ولكي لا يكون هذا الحديث مجرد فلسفة يجب ان نشرح ونفصل ونبين وهنا لا بد لنا ان نضرب على سبيل المثال لا على سبيل الحصر مثالا واحدا على الاقل.
سبق وان قامت حملات مقاطعة للمنتجات الدنيماركية في معظم الدول الاسلامية في عام 2005 وتباينت ردود فعل الشارع الاسلامي من مقاطعة للمنتجات الى حرق للمنشآت التجارية الدنماركية في بعض البلدان الاسلامية وتباينت المواقف الرسمية الاسلامية من الاستنكار الى استدعاء السفراء للتشاور.... ومهما كانت ردود الافعال تلك رسميها وشعبيها فقد اخذت بالتراجع شيئا فشيئا حتى انتهى الامر بعودة الامور الى حالها الطبيعي، وهنا اسأل ماذا لو كانت تلك الحادثة حافزا للشارع الاسلامي بالاستغناء نهائيا عن منتجات الدنمارك وماذا لو كان رد الفعل الرسمي بتبني مشاريع المقاطعة ودعم الصناعات المحلية والمشاريع الناشئة خاصة تلك التي تعد بديلا عن منتجات الدنمارك، ماذا لو استثمر هذا الموقف رسميا وايد المواقف الشعبية بدعم مالي وتقني وتحفيزي لان يتوقف الاستيراد نهائيا لتلك المنتجات، ماذا لو اعفيت السلع الاسلامية البديلة للسلع الدنماركية من الضرائب ورسوم الجمارك بين بلدان العالم الاسلامي؟ وما هي المنتجات التي نستوردها من الدنيمارك؟ لماذا نخبئ رأسنا مثل النعام في الرمال وننسى حقيقة تقصيرنا افرادا ومؤسسات وحكومات في دعم الصناعات المحلية، ولماذا ننسى مشروع السوق العربية المشتركة والعملة العربية الموحدة ولماذا لا تفعل على نطاق الدول الاسلامية كافة، ماهو مصير الوحدة الاسلامية؟ ان هذا الوقت التي تهب فيه رياح المقاطعة يجب ان نغتنمها فردنا على الاساءة ليس بالاساءة وردنا على الاساءة ليس بمقاطعة مؤقته بل ردنا يجب ان يكون ردا فعليا على ارض الواقع. اننا ننسى دائما اننا امة واحدة لها تاريخ واحد ودين واحد، وان لنا من مقومات الوحدة ما ليس لباقي شعوب العالم، رسولنا واحد وكتابنا واحد وتاريخنا واحد ولنا امتداد جغرافي كبير وتنوع في الثروات الطبيعة و البشرية والجغرافية ماليس لاحد، اننا ننسى ان من يسيئ الينا والى رسولنا وديننا اليوم هو ذاته من قسمنا ككعكة عيد ميلاد، وهو ذاته من دعم ولا يزال يدعم هذا الكيان الغاصب الذي زرع زرعا في ارضنا المقدسة.
ليس من المعقول ان نبقى على الهامش وليس من المنطقي ان نرد على الاساءة لديننا ومقدساتنا بمقاطعة مؤقتة للجبن والحلويات. ان الموقف حساس جدا ونحن في عنق الزجاجة وموقف فرنسا الرسمي الان لابد وان يكون حافزا لنا للخروج من الزجاجة لابد من تظافر الجهود الرسمية والشعبية لنري العالم ان اساءته لنا ايقطت فيا المارد الذي كان ولا زال يرعبهم ويصلون لاجل بقائة نائما للابد.
بالامس صرح وزير في كيان الاحتلال الغاصب تصريحات مقززة تظهر مدى الحقد علينا وعلى ديننا وعلى وجودنا ولم نسمع اي رد فعل رسمي وشعبي تجاه ذلك بل قوبل باتفاق تطبيع مهين ، ولا نريد ان نسمعهم ردود فعلنا علينا ان نريهم ذلك . ان كنا ندافع عن رسولنا وديننا فعلينا اولا ان نتاسى بالرسول علية الصلاة والسلام بسنته وبمنهجه الذي يزخر بكل ما يدعو الى العلم و الوحدة والعمل
ليس من المقبول بعد اليوم ان نبقى اداة بيد الاعلام يشعل فتيل نيراننا ويخمدها بضغطة زر. ان من يحول الهزيمة نصرا والاساءة فخرا والتحقير عزا هو البطل الحقيقي وليس من جدوى من التغني بامجاد الاسلام ونحن ننتظر من يرسل الينا جبنا ولحما وقمحا، لدينا من العقول والطاقات البشرية ما يفوق ما لديهم ولدينا من الثروات الطبيعية ما ليس عندهم ..... نتفوق عليهم في كل شيء لو اردنا ولو ملكنا العزيمة لذلك وهذا هو الموقف الذي يجب ان نتخذة الان وليس المظاهرات ولا الاعتصامات ولا التغريدات وليس الاستغناء عن الجبن والشكولاته.
والله من وراء القصد