التعلم الإلكتروني وتعميق الفجوات
أ. د. ناهد عميش
24-10-2020 10:54 AM
التعلم الإلكتروني (Electronic-Learning EL) هو نوع من أنواع التعلم عن بُعد (Open Distance Learning ODL) ظهر في السنوات الأخيرة. وكثرت الدراسات التي تشير إلى أهمية دمجه في العملية التعليمية/ التعلمية قبل جائحة كورونا، إلا أنه أصبح بديلاً وضرورة ملحة لاستمرار التعليم في ظروف تفرض التباعد الجسدي.
دمج التكنولوجيا في العملية التعليمية/ التعلمية أصبح توجهاً عالمياً، وغدا استخدام الأجهزة المحمولة عاملا محفزا للتعلم.
التحوّل الكامل للتعلم الإلكتروني لم يكن ترفاً بالطبع، بل اضطرت معظم الدول إلى اللجوء إليه بوصفه بديلاً عن التعليم الوجاهي. لا نستطيع أن ننكر بأن أحدهم لا يعوض عن الآخر، فالحل المثالي هو الدمج بينهما؛ لأن ما يمنحه التعليم الوجاهي على مستوى جودة إيصال المعلومة وتعزيز أهمية العمل المشترك، لا نجده في التعلم الإلكتروني.
ومن أهم مخاطر التعلم الإلكتروني هو ازدياد الفجوة بين من يمتلك الإمكانيات اللازمة لهذا النوع من التعلم مع من يفتقرها.
لا شك بأن في مثل هذا النوع من التعلم، ستزداد الفروقات في التحصيل العلمي مع اتساع الفجوة الرقمية. لذلك سيستفيد بعض الطلبة من استمرارية تعلمهم عندما لا يفعل الآخرون.
فالبُعد الأول للفجوة الرقمية، هو توفر شبكة الإنترنت وجودتها، حيث تفتقر بعض العائلات أو حتى بعض المناطق لهذه الشبكات.
ومن ناحية أخرى ، البُعد المرتبط بقدرة المستخدم: إذ سيكون الطلبة من الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية الأقل حظاً، أقل قدرة على الاستفادة من هذا النوع من التعلم. ومن ناحية أخرى، البُعد المرتبط بمستوى إعداد المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى؛ أي قدرة كل مؤسسة على تنظيم التعلم الإلكتروني وتكييفه مع مستوى الطلبة ومراقبة حضورهم؛ وتقييم التقدم لتحسين نتائج التعلم.
أما البُعد الأخير؛ فهو مدى توفر المهارات التقنية والتربوية الكافية لدمج الموارد الرقمية في التعليم عند المعلمين، إذ أثبت البعض قدرتهم على التحوّل إلى هذا النوع من التعليم بكفاءة عالية والبعض الآخر ما زال يعاني.
أمام هذا الواقع الذي فرضته علينا هذه الجائحة، لا بد لنا من محاولة التقليل من هذه الفجوة، والعمل على تقوية البنية التحتية التي ستعمل على تطوير التعلم الإلكتروني لدى الجميع.
فالتعلم الإلكتروني يتطلب وجود بنية تحتية من حواسيب وهواتف وبرمجيات مجربة ومعتمدة في التعليم، وشراء برامج خاصة بالمؤسسة التعليمية لضمان اشتراك أكبر عدد من الطلبة في التعلم الإلكتروني.
ومن الضروري توفير دورات تدريبية للطلبة والأساتذة لكيفية استخدام الوسائل التعليمية الإلكترونية في عملية التعليم/التعلم.
كما أن التعلم الإلكتروني يتطلب تضافر جهود حكومية وخاصة، ولا بد من مساهمة القطاع الخاص لإنجاحه.
إننا معنيون جميعاً بتقليل الفجوات التي قد يخلقها التعلم الإلكتروني، وبإنجاح هذا النوع من التعلم، وذلك لمصلحة أبنائنا الطلبة ومصلحة بلدنا. لذلك كفانا تذمراً من تبعات وسيئات التعلم الإلكتروني، ولنعمل معاً على تطويره قبل فوات الأوان.